الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

اكليل الجبل.د/سامية جباري

إكليل الجبل.........؟؟
سحرني شموخك ياجبل ... فصرت أعزف من حجارتك ألحاني 
أرعبني الوقوف على قمتك ... لأبصر من عليائك أشجاني
ألم تك مرتع السائرين؟؟؟؟؟ وعلى تربتك فرش الخلاّن؟؟
سحّ الغمام فانهمري .... ياسحاب بحكاوى الأزمان..
قصّي على مسامعي بأدمع... تفوح عطرا هناك شجاني
تحيي في النفس ذكر طيف ... غريب الوجه واليد واللسان
غصّ القلب الثمل بالنوى ... حتى لم يعد فيه وقع للاحزان
تعوّد الهجر وغنّى أوتاره.... وأودع الذكرى مقبرة النسيان
سحرني شموخك يا جبل .. لتسدل ستارك عن الأقران
فذا خطّ على جدارك بدمه ....اسم خليل أولا ما له ثان
وذا حمل من تربتك ...... حبّات الهوى يسكنها قلبان
وذاك لبس ثوب الغرور .... مقلدا صمودك وقوة الأركان
ونسي ان ربك للجبل ... ان شاء جعله دكا بالبنان
سحرني شموخك يا جبل....ألا كن حاويا برهبتك قلبي الحاني
وأمدّني من عنفوانك .........كبرياء يكسوني بلا أثمان
ومن اكليلك اسقني ....... مدام العاشق الولهان
داوني من مرّ كأسه.... فكم في الحنظل من علاج هان..
د/سامية جباري

المقعد الشاغر.د/سامية جباري


أيّها الزمن الغادر... مالي أتنفس هواك؟؟؟؟
أهي الساعة قربت... أم ما خطّت يمناك؟؟؟
حمام الدوح يبكيني... وخلف القضبان دعاك
شموع الصبر تكويني...تضيئ القبو بمرآك
والزهر في يدي يدميني...لفرط هوى ناداك
روضة الرياحين أقفرت..أرصفتها خلت من ممشاك
مقاعد الخلاّن صمّاء....تسمعك البوح في سماك
تراقصك زفرات الأوهام...الحلم ما أبهاه يداعب وجنتاك
ألا أيها الليث الصادي... قل لي بربك ما الذي دهاك
هل جنت عليك الأوهام؟؟ أم هو الجنون قد سباك
د/سامية جباري

السبت، 27 سبتمبر 2014

الحياة الثقافية في الاندلس -عصر الطوائف-ج2 د/سامية جباري


أما العلوم الشرعية، فقد كان لها حظها بين ملوك الطوائف حيث بلغ مجاهد العامري "نفوذه في علوم القرآن"، وأثنى عليه المراكشي بقوله:" كان مؤثرا للعلوم الشرعية مكرما لأهلها" وقد برز جملة من الفقهاء وأئمة الحديث من أشهرهم:
أبو عمرو الداني (ت444هـ) كان من " أهل الحفظ والذكاء واليقين، وكان ديّنا فاضلا ورعا سنيّا"، له تصانيف كثيرة أهمها " التيسير في القراءات السبع" و"المقنع".
        ومنهم أبو الوليد هشام بن أحمد المعروف بابن الوقشي (ت489هـ) ، كان واسع العلم بعدد من فنون المعرفة بالحديث والفقه والنحو والخطابة وغيرها.
        وقد اشتهر كثير من القراء من المغرب والأندلس كأبي الطاهر اسماعيل بن خلف الأنصاري (ت455هـ) من أهل سرقسطة، "كان إماما في علم القراءات"، ومن أبرز المحدثين الفقيه المحدث الفيلسوف أبو محمد بن حزم (ت456هـ)"كان كالبحر لا تكف غواربه ولا يروى شاربه".
        إلى جانب الأدب والشعر والعلوم الدينية نبعت جماعة من المفكرين على رأسهم ابن حزم العالم الفيلسوف الذي برع في المنطق والفلسفة واللغة إضافة إلى علوم أخرى.
له من المؤلفات والرسائل ما لم يمكن حصره، أهمّها "جمهرة أنساب العرب" يشمل أصول القبائل العربية وأنسابها، "نقط العروس" ذكر فيه أهم الأحداث التاريخية، "طوق الحمامة" فريد في نوعه وموضوعه.
        أما العلوم الرياضية فقد برز فيها المؤتمن بن هود الذي كان قائما عليها، وله فيها تواليف منها: كتاب "الاستكمال والمناظر"
        كما كان من طليعة الرياضيين والفلكيين، الحسن بن محمد التجيبي (ت456هـ) وأبو القاسم أصبغ بن السمح(ت426هـ) الّذي كان "محققا بعلم العدد والهندسة، مقدما في علم الهيئة والفلك وعلم النجوم وكانت له مع ذلك عناية بالطب" له من المؤلفات" المدخل إلى الهندسة" و"تفسير كتاب أقليدس".
        كما حظي عصر الطوائف بكبار المؤرخين الذين اهتموا بتدوين أحداث العصر، نجد في طليعتهم أبو مروان بن حيّان (469هـ) الذي كان "سهما لا ينهى رميه"، له كتاب" المقتبس في أخبار أهل الأندلس".
        ومنهم تلميذه الحميدي أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح (ت488هـ) ، وهو من "أهل العلم والفضل والتيقظ" ، له تأليف "جذوة المقتبس" ترجم فيه لأعلام عصر الطوائف.
        ومن مشاهير الأطباء نجد ابن وافد اللّخمي، وقد ألف كتابا في الأدوية المفردة، جمع فيه بين كتابي "ديوسقوريدس" و"جالينوس"، كان يرى أن التداوي بالغذاء مقدّم على التداوي بالدواء، إلى جانب هؤلاء شاركت المرأة في الحياة الفكرية إبّان عصر الطوائف فظهرت ولاّدة بنت المستكفي (ت484هـ) ، "كانت في نساء زمانها واحدة أقرانها حضور شاهد وحرازة وابد وحسن مخبر وحلاوة مصدر"، كانت أديبة وشاعرة.
        ومنهنّ أم الكرام بنت المعتصم بن صمادح أديبة شاعرة، ممّا قالت:
                يا معشر النّاس ألا فاعجبوا           ممّا جنته لـوعة الحبّ
                لولاه لم ينزل ببدر الدجـى            من أفقه العلوي للترب
                حسبي بمن أهواه لو أنّـه              فـارقني تابعه قلـبي
ومنهن العبادية جارية المعتضد بن عباد، كانت "أديبة ظريفة كاتبة شاعرة ذاكرة لكثير من اللّغات أهداها له مجاهد العامري من دانية".
        وبثينة بنت المعتمد بن عبّاد كانت شاعرة مثل أبيها، من قولها:
                اسمع كلامي واستمع لمقالي         فهي السلوك بدت من الأجياد
                لا تنكروا أنّني سبيت وأنّني          بنت الملك من بني عبّــاد
        وكان أهمّ مظهر للجاه والسلطان عند ملوك الطوائف الاعتناء بإنشاء القصور، حيث كانت عندهم مضرب المثل، كقصر ابن ذي النون الذي أنفق على بنائه أموالا ضخمة وجعل في وسطه بحيرة في وسطها قبّة من زجاج ملون منقوش، وجلب إليها الماء فكان ينزل من أعلاها ويحيط بها من جوانبها.
        وكان اعتناؤهم بإنشاء القصور مرتبطا بالحدائق والبساتين، فأنشأوها محاطة بالأزهار النادرة والحدائق النضرة وجلبوا إليها الخبراء في علم النبات كابن وافد الطبيب الذي أشرف على حدائق ابن ذي النون.
        فنشطت بذلك العلوم الفلاحية في الأندلس وكثر خبراء علم النبات الذين لم يخل قصر واحد من تواجدهم.

        وهكذا يمكن القول أن عصر ملوك الطوائف يمثل أبهى العصور في الحياة الفكرية، والتي يعود الفضل بها إلى تشجيعات الملوك المادية والمعنوية، فأطلق عنان الفكر وتبحر العلماء في شتى الميادين العلمية حتى غدا نتاج العصر قاعدة أساسية لحضارة المسلمين التي أثمرت في العصور الموالية.

الحياة الثقافية في الأندلس -ملوك الطوائف- ج1.د/سامية جباري

العلوم الادبية واللغوية:
        على الرغم من الانحلال الذي دبّ في الدولة الأموية عقب الفتنة بانقسام الأندلس إلى دويلات ضعيفة سياسيا واجتماعيا إلاّ أننا لا يمكن أن ننكر أن عصر ملوك الطوائف من أزهى العصور في العلوم والفنون والآداب، ذلك أن هذه الدويلات أصبحت تتنافس فيما بينها حتى في مجال الفكر والمفكرين، فتعددت مراكزهم، ولا نعجب إذ أصبحت كل من إشبيلية وطليطلة ومالقة وبلنسية تنافس قرطبة  التي "كانت وحدها مركزا للعلوم والفنون في بلاد الأندلس".
        وأبرز ما يمكن ملاحظته هو أن معظم ملوك الأندلس وأمرائها كانوا من أكابر الأدباء والشعراء والعلماء، فمجاهد العامري كان "من أهل العفاف والعلم قصده العلماء والفقهاء من المشرق والمغرب وألّفوا له تواليف مفيدة في سائر العلوم" وكان المعتصم بن صمادح يعقد المجالس بقصره للمذاكرة، و"يجلس يوميا في كل جمعة للفقهاء والخواص يتناظرون بين يديه في كتب التفسير والحديث".
        أمّا المعتمد بن عبّاد فهو أديب عصره، "طلع في سمائه كل نجم متقد، وكل ذي فهم منتقد فأصبحت حضيرته ميدانا لرهان الأذهان وغاية لرمي هدف البيان".
        وهكذا حظيت الحركة الأدبية والعلمية بعناية الملوك والأمراء، ولقي أهل العلم والفكر والأدب تشجيعا كبيرا جعلهم يفدون على القصور ويتنقلون من مدينة إلى أخرى تلبية لحاجات هؤلاء الملوك في احتضان أكبر عدد من الشعراء والأدباء، فنتج عن ذلك أن كثر الاهتمام بإنشاء المكتبات الخاصة والعامة وأصبح جمع الكتب حينها يفوق كل لذّة.
        ففي قرطبة نجد مكتبة محمد بن يحيى الغافقي المعروف بابن الموصل (ت433هـ) ضمت أنفس الكتب من بينها  الغريب المصنف للقالي ونوادر الأعرابي وغيرهم
        كما كان المظفر صاحب بطليوس عالما بالأدب والشعر، وصنّف كتابه المظفّري كموسوعة في الآداب والأخبار في نحو خمسين مجلدا، أمّا مكتبة أحمد بن عباس، فقد قيل أنها ضمت "أربعمئة ألف مجلد".
        وممّا أذكى همم العلماء والمفكرين هجرة الكتب المشرقية، ودخولها المغرب والأندلس، ككتاب القانون لابن سينا، وكتب الفارابي وديوان المتنبي ومقالات الحريري ورسائل إخوان الصفا، ورسائل بديع الزمان الهمذاني والخوارزمي، كما دخلت المغرب والأندلس بعض كتب الغزالي، وكان لذلك أثره فاشتغل الأندلسيون بكتب المشارقة دراسة ونقدا وألّفوا في شتى العلوم من فقه ولغة وتراجم وتاريخ
        وإذا استعرضنا الأحوال الفكرية في الأندلس إبّان عهد ملوك الطوائف، نجد أن الأدب والشعر يحتلان الصدارة، فقد كان معظم الأمراء شعراء أو ميّالين إلى قرضه حتى عدّ عصرهم أحسن العصور.
        وبنى عبّاد في إشبيلية خير مثال على ذلك، فقد كان الأدب والشعر من محاسن أسرتهم بدء بالمعتضد الذي "كان من أهل الأدب البارع، والشعر الرائع والمحبة لذوي المعارف"، وكان لأهل الأدب عنده سوق نافقة من شعره:

لقد حصّلت يا رندة           فصرت لملكنا عقده
فكم من عدّة قتلت          منهم بعدها عـدّه
    نظمت رؤوسهم عقدا         فحلـت لبة الشدّة
        وقد تعدّى المعتضد قول الشعر إلى أن استوزر ثلّة من أعظم الشعراء العصر وكتابه، واتخذ كل منهم لقب ذي الوزارتين ، من أمثال ابن زيدون الذي "جاء من القول بسحر وقلّده أبهى نحر" من شعره:
        بيني وبينك ما لو شئت لم يضع      سرّ إذا ذاعت الأسرار لم يذع
        يا بائعـا حظّـه ولـو بذلـت              لي الحياة بحـظي منه لم أبـع
        يكفيك أنّك إن حمّلت قلبي مـا     لا تستطيع قلوب النّاس يستطع
        وأبو بكر محمد بن عيسى بن اللبانة (ت507هـ) ، "ملك للمحاسن مقادا وغدا له البديع منقادا"، من شعره:

        تبكي السماء بمزن رائـح غاد         على البهـاليل من أبنـاء عبّاد
        على الجبال التي هدت قواعدها     وكانت الأرض منهم ذات أوتاد
       
وكان ابنه المعتمد محطّ الرجال يقصده العلماء والشعراء، كان فصيحا شاعرا مترسلا من شعره يستعطف أباه: 
        سن فؤادك لا تذهب بك الفكر      ماذا يعيد عليك البث والحذر
        فإن يكن قدر قد عاق عن وطر      فلا مـرد لما يأتي به القـدر
        وإن تكن خيبة في الدّهر واحدة     فكم عفوت ومن أشياعك الظفر
        وقد كان بنو الأفطس من حماة الشعر والأدب، ولاسيما في عهد المظفّر الذي وصفه ابن بسام بقوله:" أديب ملوك عصره غير مدافع ولا منازع"، حيث كان حريصا على جمع علوم الأدب من نحو وشعر ونوادر الأخبار.
        أمّا ابنه المتوكل فكان "قدم راسخة في صناعة النظم والنثر"، من شعرائهم عبد المجيد بن عبدون "الشامخ الرتبة، العالي الهضبة"، وقد اشتهر بمرثيته لبني الأفطس عقب ذهاب دولتهم، مطلعها:
        الدّهر يفجع بعد العين بالأثر          فما البكاء على الأشباح والصـور
        أنهاك أنهاك لا ألـوك موعظة           عن نومة بين ناب اللّيث والظـفر
        فالدّهر حرب وإن أبدى مسالمة     والبيض والسود مثل البيض والسمر  
كما تمتع بلاط بن صمادح بعدد من فحول الشعراء، وكان المعتصم بن صمادح أكبر شعراء عصره، وكان ممن لزمه ابن القزّاز، "أكثر ما اشتهر اسمه وحفظ نظمه في أوزان الموشحات"
من شعره:
   يا دوحـــة بـظــلالــــها أتــفــيــــا         بـل معقـلا آوي إليه وألجا
   رمدت جفوني منذ حللت هنا   ولوكـحلت برؤيتكم لكانت تبرأ
   فخبئت عنك وإنما أنا جـوهـر   في طيّ أصداف الحوادث أخبأ
        أما الدويلات الأخرى كبني ذي النون بطليلطة وبني زيري بغرناطة وبني هود بسرقسطة، فقد كان احتفالهم بالأدب ضعيفا إن لم نقل منعدما.
        أما أشهر ما ألف في هذه الحقبة: كتاب "المظفّري" في نحو خمسين مجلدا للمظفّر بن الأفطس، يعتبر موسوعة في الفنون والعلوم والأخبار والسير، كتاب"نظم السلوك في وعظ الملوك" لابن لبانة، وكتاب "الدرر في اختصار المغازي والسير" و"بهجة المجالس وأنس المجالس" لابن عبد البرّ، و"المنتخب من غريب كلام العرب" للوقشي، "المدخل إلى الهندسة" و"تفسير كتب إقليدس" للأصبع بن محمد بن السّمح، ثمّ "معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع" لأبي عبيد البكري..
        أمّا اللّغة فقد كان لبني أمية دور مهم نحو استعراب الجزيرة لذلك نجد أن اللّغة العربية في عهد الطوائف عمّت مختلف المدن ونشطت خلالها الدراسات اللّغوية خاصة النحو، "فقد كان المظفّر أحرص النّاس على جمع علوم الأدب خاصة من النحو"، وكذا مجاهد العامري الذي كان "مشاركا في علوم اللّسان"، ووفقا لذلك ظهر عدد من النحويين الذين اشتهروا بمهارتهم في هذا المجال، من أمثال: الأعمى أبو الحسن عليّ بن سيده (ت458هـ) ، "كان إماما في اللّغة العربية، حافظا لها" له من الكتب" المحكم في اللّغة"، "الأنيق في شرح الحماسة" وهو في ست مجلدات.

        ومنهم أبو عبيد البكري (ت487هـ) "عالم الأوان ومصنفه ومقرط البيان ومستقه بتواليف كأنها الخرائد، وتصانيف أبهى من القلائد"، اشتهر بكتابه "معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع".

الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

الحياة الثقافية في الأندلس ج3. د/سامية جباري

العلوم النقلية والعقلية:
        كما اهتموا بالعلوم التطبيقية من رياضيات وعلوم الطبيعة والفلسفة، غير أنّ هذا العلم الأخير لم يكن منتشرا في أوائل عصر بني أمية وبقي في حدود الخاصة كالأمير عبد الرحمن بن الحكم الذي كان "عالما بعلوم الشريعة والفلسفة".
ثمّ بدأ التفكير الفلسفي ينتشر بعد احتكاك المغاربة أثناء رحلاتهم إلى المشرق بذوي الرأي الفلسفي وأصحاب الاعتزال، وقد واجه" فقهاء الأندلس هذا المذهب باستنكار شديد"، حيث كانوا يتّهمون كل من درس الفلسفة والمنطق بالزندقة بل حرّضوا عليه العامة وراحوا يحرقون كتب ابن مسرة الذي كان مذهبه حلوليا، ومن الفلاسفة نجد: يحيى بن يحيى المعروف بابن السمينة""كان بصيرا بالحساب والنجوم والطبّ والنحو واللّغة والفقه والحديث".
        أمّا في ميداني الرياضيات والطبيعيات، فقد تأخّر اتساع النشاط العلمي فيهما، ولم تدخل الرياضيات الأندلس إلاّ على يد مسلمة بن أحمد المجريطي، الذي يعدّ إمام عصره كان كثير الاهتمام وبزيج الخوارزمي حيث حوّله من السنين الفارسية إلى السنين العربية ثمّ اختصره وأصلحه.
        كما اهتمّ أهل المغرب والأندلس بالطبّ وبالنباتات في عهد الأمير محمد بن عبد الرحمن، ومن الأطباء المشهورين يحيى بن اسحاق، وابن الجزّار القيرواني، من مؤلفاته "زاد المسافر وقوت الحاضر" وله كتاب في المعدة وأمراضها ومدواتها.
        وقد شاركت النساء والرجال في الحياة الفكرية وهذا فيه دلالة على رقي المجتمع وحرية القول، حيث برزت نساء جليلات منهنّ حسّانة التميمية، تأدّبت وتعلمت الشعر فلمّا مات أبوها كتبت إلى الحكم، وهي إذ ذلك بكر لم تتزوج.
        إني إليك أبا العاص موجـعة           أبّا المخشى سقته الواكن الدثم
        قد كنت أرتع في نعماه عاكفة                فاليوم أوي إلى نعماك يا حكم
        فلّما وقف الحكم على شعرها استحسنه، وأمر لها بإجراء مرتب، وكتب إلى عامله على إلبيرة فجهّزها بجهاز حسن. 
        ومنهنّ لبنى (ت374هـ) كاتبة الخليفة المستنصر، كانت شاعرة عالمة بالعربية والأدب حاسبة منشئة.
        وعائشة (ت400هـ) بنت أحمد أديبة شاعرة من أهل قرطبة لم يكن في زمانها من حرائر الأندلس من يعادلها فهما وعلما وأدبا وفصاحة وشعرا.
        وأهمّ ما نختم به الحديث في الإطار الثقافي لبني أمية هو التطور العمراني، فقد اهتمّ عبد الرحمن بالإنشاء والتعمير فشيّد الدور والقصور وبنى المسجد الجامع بقرطبة.      وخلفه ابنه هشام فكانت له يد في بناء قنطرة قرطبة، وقد ذكر ابن عذاري إنه
أنفق في إصلاحها أموالا عظيمة وتولى بناءها بنفسه، كما أكمل بناء المسجد الذي شرع فيه أبوه الداخل ورفع منارته القديمة.
        وفي عهد عبد الرحمن بن الحكم خطت الأندلس خطوة فعالة نحو التحول الحضاري، فأنشأ الناس القصور وأثّثوها بالأثاث الفاخر، وأخذت قرطبة طريقها لتصبح "أجمل مدائن أوربا"  وهو كما قال ابن عذاري: "أول من جرى على سنن الخلفاء في الزينة والشكل وترتيب الخدمة وكسا الخلافة أبّهة الجلالة فشيّد القصور وجلب إليها المياه.." ، وحذا حذوه الناصر الذي "أسس الأسوس وغرس الغروس واتخذ المصانع والقصور"، فكان أهمّ ما أنشأ مدينة الزهراء سنة 325هـ، جلب إليها الرخام من قرطاجة، وإفريقية وتونس وزاد في مسجد قرطبة، أمّا في عهد المستنصر ظهرت صناعة النسخ، فنهضت صناعة الورق، واشتهرت بلاد الأندلس بورقها الجيّد مثل بلنسية وطرطوشة وشاطبة فتقدمت بذلك أدوات صناعة الكتابة.

        وهكذا يكون بنو أمية قد وضعوا الأساس الأول لحضارة امتدت سنوات، والتي برزت معالمها جليّة في العصور الموالية.
يتبع بالاحوال الثقافية في عصر ملوك الطوائف......

الاثنين، 22 سبتمبر 2014

اعتذار.د/سامية جباري

ما لي اطلب ودّه ذليلة؟؟ وهو يجنح الى لومي وعتابي
لم ارض له في قلبي بديلا؟؟ وقلبه يابى ان يكون ملاذي
اذكّره العفو شيمة النبلاء؟؟ ويذكّرني بجرمي وهو الصادي
فؤادي من عذابه ينال عذابي؟؟ وسهمه الى قلبي ينال مدادي
تصيب نباله الحنايا فتمزقها؟؟ لا الاحشاء تهدأ والجوارح تنادي
الا قل لحبيب تمهّل فانها؟؟ وان عثرت فانت لها خير وسادي

غضّ الطرف عن زلة خليل؟؟  واجنح للسلم فهاهو الفجر بادي

تحدي الحصار.د/سامية جباري

رغم تعبي و إرهاقي الشديد
الا أنني أحاول أن أتحدى نفسي
وامكث لساعاتٍ طويلة أمامَ شاشةِ حاسوبي
لمجرد فضولي المتمرد والمغرور بحبك
ارقب طلتك او همس عباراتك
أنثر حروفي عند عتبة نافذتك
واهرق حبري الاصم عند بابك
رغم كل العتاب رغم طول الخصام
سأظل أطرق قلبك دون انقطاع
سابقى استجدي العفو والقرب والوصال
وارقب لحظة انتصار قلبك برد السلام
 فهلاّ تحدّيت الحصار .؟؟؟

ما اقساه من قدر..د/سامية جباري


ما أقساه من قدر..؟؟؟؟
كم كان موجعا محزنا ذاك المساء
ممعنا في الايذاء
يعتريه الظلام
لا شيء يشبهني سوى السواد
حزن بين الاضلع يحتويني
ودمعي بين المقل يكويني
مهبطة انا في ذاك المساء
حين علا في خدري
صوت بكائي ولحن انتحابي
حتى احزاني رقّت لحالي
وبكت على عتبتي أشجاني
لم اللوم والعتاب ينهكني؟؟
لم الهجر والبعاد يرعدني؟؟
ينال من شوقي ناره تكويني
ينزف من شرياني فيدميني
الا قل للحادي غنّ بوتر احساسي
واعزف من جراحاتي الحاني
واسقني  جوى المذلّة فانا الشاكي

د/سامية جباري

الخصائص الفنية للرسائل الديوانية من الفتح الى سقوط غرناطة ج4.د/سامية جباري


التنويع بين الشعر والنثر:
     مما يلفت النظر في النثر الأندلسي أن الكاتب الديواني كان غالبا ما يستعين بأبيات شعرية، ويضمنها في الرسائل الديوانية بدء بالعصور الأولى حيث التقليد، فكان الاستشهاد بأبيات لشعراء مشارقة، وبحلول القرن الخامس برزت معالم حضارة أدبية وفكرية في الأندلس مما جعلنا نسجل أسماء بارزة لأفذاذ الكتّاب والشعراء، فحرص حينها الأندلسيون تضمين رسائلهم الديوانية أبياتا شعرية لهم تضاهى الشعر المشرقي، "فكم من بديع رائع قد حظي به المنظوم دون المنثور"[1]، ثم أخذ التنويع بين الشعر والنثر صورا متفاوتة لما أضحت تحمله الرسائل الديوانية من أشكال سياسية وإدارية، ونسجل استعمالاته في أشكال هي:
     1-الشكل الأول: الاستشهاد بالشعر المشرقي كما ورد في رسالة إلى الخليفة الموحدي المنصور في تهنئة بالخلافة جاء فيها: " المتوسل بقديم الخدمة المتوصل بعميم النعمة، وكريم الحرمة، المنشد بلبان المسرة حين أطلع الزمان هذه الغرة:
أتته الخلافة منقادة            إلـيه تجـرّر أذيـالها
فلم تك تصلح إلاّ له         ولم يك يصلح إلاّ لها[2]
     وأهطعوا لها مهللين مكبرين إهطاع الناس لأعيادهم، وأما العبد فقد أخذ بحظه، حتى خاف أن يغلب السرور على قلبه ولحظه:
                     فلا تنكرن لها صرعة          فمن فرح النّفس ما يقتل[3]
     وهذه نعمة يقصر عنها النثر والنظم"[4]،     فقد استشهد الكاتب في هذه الرسالة ببيتين لأبي العتاهية، وقد مدح بهما الخليفة المهدي، ثم استشهد ببيت المتنبي.
     ومنها ما جاء في جواب المنصور للأدفونش في هيئة توقيع: "الجواب ما تراه بعينك لا ما تسمعه بأذنك والسلام على من اتبع الهدى" وأتبع الجواب:
     ولا كتب إلاّ المشرفية والقنا    ولارسل إلاّ الخميس العرمرم[5]..."[6].
2_ الشكل الثاني أن يستشهد الكاتب الديواني بشعره، مثل ما جاء في رسالة علي بن يوسف إلى عماله وجنده موبخا فقد ضمنها ابن أبي الخصال أبيات له: " أي بني اللئيمة وأعيار الهزيمة إلام يريعكم الناقد ويردكم الفارس الواحد:
          إلام يـريعكم النـّاقد               يردكم الفارس الواحد
          ألا هل أتاها على نأيها           بما فضحت قومها غامد
          تمنيتم مـائتي فـارس              ضئانا لها حالب قاعد[7]
     ومثله ما جاء به ابن عطية في رسالة إلى عبد المؤمن مبشرا بالفتح: ".. فلا تطيق الألسن كنه وصفه إدراكا ولاإلحاقا، جمع أشتاب الطب والأدب، وتقلب في النعم أكرم منقلب وملأ دلاء الأمل إلى عقد الكرب:
       فتح تفتح أبواب السّماء له         وبرزت الأرض في أثوابها القشب[8]
     وعلى المنوال نفسه جاءت رسالة ابن عياش إلى شيوخ الموحدين يخبرهم بالنصر في موقعه الجلاب: " ويوم كيوم ذي قار انتصف فيه الموحّدون والعرب من العجم، ولمن سار منهم في الزي والكلم وتمسك منهم لسبب:
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به              نظم من الشّعر أو نثر من الخطب.."[9]
     ومنها ما أورده عبد المؤمن بن علي في رسالة وجهها إلى الموحدين في المغرب يستنفرهم للجهاد في الأندلس، وقد ذيلها بقصيدة مطلعها:
     أقيموا إلى العلياء هوج الرواحل       وقودوا إلى الهيجاء جرد الصواهل
     وقوموا لنصر الدّين قومه ثائر          وشدّوا على الأعداء شدّ صائــل
     فما العز إلاّ ظهر أجرد سابح         يفوت الصبا في شدّه المتواصـل[10]
     3_أما الشكل الثالث فهو نادر الاستعمال حيث ترد الرسالة الديوانية قطعة شعرية، مثل ما جاء به ابن عميرة بعد انهيار سلطان الموحدين، إذ أن معظم الأندلسيين تركوهم وتوجهوا نحو الحفصين في تونس آملين منهم أن يعملوا على إنقاذها واسترجاعها، وقد جاءت قصيدة ابن عميرة دعوة يحث فيها الحفصين على الاستيلاء على المغرب كونه قاعدة الحكم الموحدي، شاكيا حال الأندلس:
     والمغرب الأقصى على غسق به      وافاه منك سنا الصباح المسفر
     كلّمته أنياب الزّمان وما شكـا داء ابن داية غير ظهر الأدبر
     والأمر فيه قد انقضى إلاّ لـقى        بكفيه منك تناول بالخنصـر
     ولأرض أندلس إليك بحالهـا          شكوى الهشيم إلى السّحاب الممطر[11]



.


.
.

.
.
.
.
.