الجمعة، 19 سبتمبر 2014

نزهون بنت القلاعي الغرناطية. د/سامية جباري

 لقد عرفت الشاعرة نزهون الغرناطية بهذا الإسم نسبة إلى غرناطة التي عاشت يها ، إلا أنّ اسمها الكامل هو نزهون بنت القلاعي الغرناطية ، وهي من مواليد القرن الخامس الهجري .
 وهناك من يسميها كذلك "نزهون القلاعية نسبة إلى القلعة وهي البلدة التي وفد منها أهلها ، ولفظ نزهون لفظ أندلسي خالص فقد عمد الأندلسيون إلى التسمية على هذا الوزن لأبنائهم من ذكور أو إناث فسموا نزهون بين النساء وسموا زيدون وحمدون وعبدون بين الرجال "(1) .
  أمّا فيما يخص صفاتها فالأغلبية يشهد لها بأنها " شاعرة مرحة حلوة الحديث طيبة المحاضرة ، ذات طبع ندي معطاء ونفس شفافة ، عرفت بسرعة الجواب وحضور البديهة واستظهار النوادر وضرب الأمثال مع جمال في الصورة ، تسعى إلى مجالس الوزراء فتعبق جوها وتثير فيه نشوة مسكرة"(2)، مما يدل على أنها شاعرة لا تأبه لما يقال فيها ، "وكانت تراسل الرجال شعرا وتساجلهم نظما وتهاجيهم قولا فاحشا في نطاق ما يسمى بالأدب المكشوف ، تسمع شعرا يقال فيها يخدش حياء الحرائر وينال من شاعر العفة عندهن" (3)، وكانت تأخذ وترد مع الشعراء من دون خجل وتستعمل ألفاظا غير لائقة . ولقد قال عنها ابن سعيد أنّها " شاعرة ماجنة كثيرة النوادر "(4) ، ويضيف المسهب بأنها تمتاز : بخفة الروح والانصياع الزائد والحلاوة ، وحفظ الشعر والمعرفة بضرب الأمثال مع جمال فائق وحسن رائق"(5) ، ويروى عنها كذلك أنها ذات يوم وهي تقرأ على أبي بكر المخزومي الأعمى دخل عليها  أبو بكر" الكتندي" (1) قال مخاطبا الشاعر المخزومي : "لو كنت تبصر من تجالسه"(2) وصمت المخزومي برهة يفكر، ولكنه لم يجز جوابا ، وبسرعة فائقة أجابت نزهون :
" لغدوت أخرس من خلائله
البدر يطلع من أزرّته                       والغصن يمرح في غلائله"(3) .
ولرقة طبعها كما ذكرنا كلف أصدقاؤها وعرفوها بمحادثتها ومراسلتها ، فكان أبو بكر بن سعيد الوزير من الذين شغفوا بها ، وقد كتب لها يوما يقول :
" يامن له ألف خلّ             من عاشق و صديق
       أراك خلّيت للنــا            س منزلا في الطريق"(4) .
فردت عليه مذكرة إياه أنّ مكانته هي الأعلى لأنه مقدّم لديها على الكل بقولها :
"حللت أبا بكر محلا منعته                 سواك ،وهل غير الحبيب له صدري
وإن كان لي كم من حبيب فإنما               يقدم أهل الحق حب أبي بكـــر"(5) .
ويروى أنّها ذات يوم كانت جالسة في دار الوزير أبي بكر بن سعيد في غرناطة عندما دخل الشاعر أبي بكر المخزومي الأعمى يقوده غلام صغير ، فلما استقر به المجلس ، وأفحمته روائح الندّ والعود والأزهار وهزّت عزفه الأوتار قال :
"دار السعيدي ذي أم دار رضوان؟                 ما تشتهي النفس فيها حاضر داني
سقت أباريقها للندّ سحب ندى                     تحدى برعد لأوتار وعيدان
والبرق من كل دنّ ساكب مطرا                   يحيا به ميت أفكار و أشجان

هذا النعيم الذي كنا نحدثـــه                   و لا سبيل له إلاّ بــآذان"(6) .

0 commentaires:

إرسال تعليق