تضمين
الأحاديث:
الملاحظ أن تضمين الأحاديث النبوية في
الرسائل الديوانية قليل بالقياس مع تضمين الآيات القرآنية، إلا أن ذلك لا يعني
ندرة الأحاديث النبوية في الرسائل، فهي ترد في غالب الأحيان مقترنة بالآيات لاسيما
في رسائل الأمر المعروف والنهي عن المنكر، ورسائل الجهاد، وفي خطاب العامة، على
سبيل الترهيب أو الترغيب.
فالإحاطة بأحاديث النبي r، والأئمة من بعده بات سمة ضرورية في الكاتب، فقد قال عنه ابن
الصيرفي عليه أن يكون: "حافظا لأخبار النبي والأئمة من ذريته صلى الله عليهم
أجمعين قيما بها أو بأكثرها، راويا لأخبار الملوك، وأيام العرب…"[1].
كما أكد شهاب الدين الحلبي على ملازمة الكاتب
لهذه الصفة فقال:" لا بد للكاتب من حفظ الكثير من الأحاديث النبوية والآثار
المروية عن الصحابة، رضوان الله عليهم، وخصوصا في السير والمغازي والأحكام..
ويستشهد بكل شيء في موضعه، ويحتج بمكان الحجة ويستدل بموضع الدليل…"[2].
ونستدل على ذلك برسالة تاشفين بن علي بن يوسف
إلى قاضي بنلسية، بعدما أصبح أميرا:"… واندبوا من قبلكم إلى الجهاد الذي هو من قواعد الإيمان والرشاد… وقد جاء عن رسول الله r
أنه قال: (( مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القايم الصايم الذي
لا يفتر عن صلاة ولا صيام)) [3]… وأوعزوا في جميع جهاتكم بإراقة دنانها، فقد جاء عن رسول الله r: " لعن الله الخمر، وعاصرها، وحاملها، والمحمولة إليه"[4].."[5]
فقد وجد المهدي بن تومرت في حديث رسول الله
حجة لتحريض الموحدين على قتال المرابطين باعتبارهم خارجين عن الدين فمن يجاريهم
ويتبعهم يخرج عن ربقة الإسلام، حيث قال:"… وهذا الوعد العظيم، والعذاب الأليم فيمن ركن إليهم فكيف بمن
أعانهم بنفسه وماله على سفك دماء المسلمين، وأخذ أموالهم، ومعونتهم على ظلمهم ولو
بدرهم واحد، لما رواه كعب بن عجرة عن النبي r قال: "أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون بعدي، فمن
غشي أبوابهم وصدقهم على كذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يرد على
الحوض، ومن لم يغش أبوابهم، ولم يصدقهم على كذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني
وأنا منه، وسيرد على الحوض"[6]..
ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لما رواه عبد الله بن عمر عن النبي r أنه قال: " على المرء المسلم السمع والطاعة
ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"[7]..
وكان من قتل من المؤمنين فهو من أهل الجنة لقول رسول الله r: " من قتل دون دينه فهو شهيد"[8]..
واجتنبوا الخمر لأنها أم الفواحش.. لما رواه عبد الله بن عمر عن النبي r أنه قال: قال رسول الله r: " لعن الله الخمر، وشاربها، وبائعها، وعاصرها، ومعتصرها،
وحاملها والمحمول إليه"[9]…"[10]
كما جاءت رسالة المأمون الموحدي لجميع حكام
الأندلس بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مليئة بالأحاديث النبوية كقوله: "… ولا عدول عن قوله: " ومن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه
وعرضه"[11]..
وأول ما يتناول به الأمر النافذ، الصلاة لأوقاتها والأداء لها على أكمل صفاتها
وشهودها إظهارا لشرائع الإيمان في جماعتها، فقد قال r : " أحب الأعمال إلى الله الصلاة
لأوقاتها"[12]،
وقال: " أول ما ينظر فيه من أعمال العبد الصلاة[13]..
ومن الواجب أن يعتني بهذه القاعدة الكبرى من قواعد الدين ويأخذ بها في جميع
الأمصار الصغير والكبير من المسلمين، ونيط في إلزامها قوله r:" مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر سنين"[14]..[15]