الاثنين، 23 فبراير 2015

حين غاب عن الوعي؟؟ د/سامية جباري


وحين غاب عن الوعي..؟؟
تذكّر اسمها، رسم ملامحها..كشف سترها...
ارتشف فنجان قهوة النسيان ..
فباح بسرّه، واعترف بجرمه..
غاب عن الوعي ..
فاندلقت الحروف ترسم حماقات الماضي..
وتحكي لملمات الشقاوة ..وبهاريج الانفتاح..
غاب عن الوعي ..
فتناثرت حبّات سبحته تسَّاقط على سجادة خاوية
نقوشها من حناياه الدامية 
ونسيجها من دموعه الجارية..
غاب عن الوعي..
فسقاها كأسا صهباء متلألأة ذات شهب..
تراقصه الأنغام في ليلة ظلماء..
ثملت من شرابها فمالت مع الهوااا بلا انقطاع
تتبعت النجوم والأفلاك مبحرات في سمائه الى الصباح..
غاب عن الوعي 
فانفجر كبرياءً..وصرخ عناداً.... والروح بداخله تلاطف أمواج الوصال..
غاب عن الوعي..
فجفّت محبرته وتجشّمت حروفه فصارت صعبة النوال..
ابيضَّت صفحاته وانطوت الكتب...
فهل تراه يستفيق..؟؟؟
ويذكر الوجد ويداعب أجفان السمراء فيمحو أثر الوهن الكبير.
ويتذكّر جلسة خلسة على صخرة صمّاء..تبكي النوى بدموع الحرمان..
وقد ظللته أشجارها وارفات.. حتى فلق الاصباح..بنوره فغشي الظلمات
وشعّت شمسه من بين أغصانها دافئة من بعد ضباب.. ويال حالكات
ما أجمل الصبح حين يبهجنا بطلوع شمسه بعد ليل وطول سهاد..مسبغا علينا فيض الرحمات
د/سامية جباري

صلصلة الجرس؟؟ د/سامية جباري

أشتاقها في غمرة أحزاني
أشتاقها فهي منارة دربي وأيامي
أشتاقها في مهجتي وسلواني
أذكرها والوجد قاتلي
ألمحها والطيف يأسرني أبغي كسر أغلالي
أنين قلبها كم رعاني؟؟؟
كم أدمى لمصاب داهمني فبكاني؟؟
ومقلتاها من السهر فيض تحناني؟؟
تشكو وجعي؟؟؟ فتأسى لحالي
تقبّل جبهتي؟؟ فتزيل أسقامي
تلامس يدي ؟؟ فتلهب نيراني
دفء نبرتها يغشى كياني
تلملم جرحي وتدفع بلائي
أشتاقها فأدنو...أنظر إليها فأسلو..
أمسح التراب من على مرقدها فأهفو
أبغي ضمّة تنسيني زمن التوهان؟؟
تزلزل بدني ويخفق القلب فيصدر بياني
ترأف بي دمعتي فتنزل حرّى تُسَابقُ الفيضان
أشتاقها فأنظر الى وجهها المتبسّم
لألمح نورا يشق لي دربي بين البحرين أسير في أمان
كلماتها تملأ مسامعي حركاتها تغشى نواظري
دعواتها إلهي تهدهد عواطفي
رضاها باب الخير يُفَتٍّحه في جناني
علّمتني العطاء كأمطار تجود بلا انقطاع
علّمتني الحب أحياه بكلّ أمال
علّمتني كيف أسامح وأحيا بقلب دونما اعتذار
جراحه وإن تزاحمت أضمّدها بصلاة ودعاء فما أقواني؟؟
سرّ أودعه خالقي فيكشف بنورها كل مستور مكتوم بلا حسبان
أنا منها نسخة بالروح خلاف إخوان
تفرّدت بملمحها فأراني قلبها الحيّ كل برهان
نسَجَت لي على وشاح ملبسها وداعا أبيضا تلقي السلام دون كلام
رحلت وما رحلت؟؟
فروحها طيف يجري بشرياني
عشقت الروح فيها؟؟ والقلب العامر
وكلّ ما جادت به من خير أصبح غريبا في ذا الزمان؟؟
أجدني أقلّدها في سعة الصدر فما ضاقت أضلعي على قلبي الضامي
رسمت لي بصَمْتِها طريقا وإن حفّته الأشواك لم يَنل
تخرجني رحماتها من كلّ ضيق الى رحاب الحنان.
لها مني دعاء متضرّع الى ربي يسكنها قُربه في فسيح جنان
فارفعوا الأكّف إلى بارئها واسبغوا عليها من خالص دعائكم
كطيب اللواقح.ولكم المثل من ملائك الرحمان.
د/سامية جباري (في الذكرى 18 على رحيلها)

الأحد، 22 فبراير 2015

الثلاثاء، 3 فبراير 2015

الخصائص الفنية للرسالة الديوانية بالاندلس من الفتح الى سقوط غرناطة ج6د/سامية جباري

الإيجاز والإطناب:
     يخضع أسلوب الإيجاز والإطناب في مجموع الرسائل الديوانية المتوافرة لدينا بالدرجة الأولى إلى الموقف الذي يستدعي الكتابة الديوانية، وقد علق على هذه الظاهرة عدة مؤلفين اختلفت نظرتهم في مواضع متعددة.
     فقد ذكر القلقشندي أنه من بين المواقف التي تستدعي الإيجاز أن يكون المكتوب له عن السلطان أمرا أو نهيا[1]، وإذا تصفحنا رسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نجد من الرسائل ما تتطلب الإيجاز، ومنها ما تستدعي الإطناب أو تكون اعتدالا بينهما، ولنا مثال عن ذلك، فرسالة علي بن يوسف بن تاشفين من مراكش إلى نائبه أبي محمد بن فاطمة يأمره بإقامة الحق[2] فهي متوسطة بين الإيجاز والإطناب.
     بينما وردت رسائل الفصول[3] في الموضوع ذاته مطولة كرسالة أبي يعقوب إلى أبي سعيد ضمنها طائفة من النصائح اتبع فيها أسلوب الإطناب[4].
     ويعلق الكلاعي عن دواعي الإطناب بقوله:" ما يكتب به عن عامة وتفرع به آذان جماعة كالصلح بين العشائر والتحضيض على الحرب والتحذير من المعصية والترغيب في الطاعة"[5]، فإذا حاولنا تطبيق قوله على نصوص الرسائل الديوانية فإننا نجد خلاف ذلك في مواضع عديدة منها رسالة عن أمير المؤمنين وناصر الدين إلى أهل إشبيلية سنة اثنتي عشرة وخمسمائة(512هـ) يحثهم فيها على التماسك والتناصح، واجتناب الفرقة والشقاق جاءت معتدلة[6].
ثم يضيف الكلاعي عن الإيجاز فيقول أنه: " يخاطب به أهل الرتب العالية، والهمم السامية"[7]، كما جاء في رسالة يوسف بن تاشفين إلى ألفونسو لما خرج إلى ملاقاته في سهل الزلاقة جاءت مختصرة، حيث أجابه بقوله: " وبلغنا يا أذفونش أنك دعوت في الاجتماع بك وتمنيت أن يكون  فلك أن تعبر البحر علينا إلينا، فقد أجزناه إليك، وجمع الله في هذه الفرصة بيننا وبينك، سترى عاقبة دعائك ما دعاء الكافرين إلا في ضلال"[8].
     لكن الإيجاز في مخاطبة أهل الرتب السامية لم يكن أسلوبا معتمدا في جميع الحالات، فرسالة عبد الرحمن الأوسط إلى (ثيوفلس) إمبراطور بيزنطة جاءت على أسلوب الإطناب[9]، بينما وردت معظم الرسائل الديوانية الموجهة من سلاطين غرناطة إلى ملوك النصارى، المجموعة في كتاب الحلل السندسية على أسلوب الإطناب"[10].
     والملاحظة نفسها نلمحها في رسائل الغني بالله إلى السلطان المريني[11]، وبهذا يمكن القول إن أسلوب الإيجاز والإطناب في الكتابة الديوانية يخضع للموقف ذاته، فقد نجد رسائل تعالج موضوعا واحدا ترد بصور مختلفة تارة موجزة وتارة فيها إسهاب وإطناب، مثال ذلك رسالة عبد الرحمن الداخل إلى أحد عماله وقد قصر في عمله جاءت على شكل توقيع موجزة: "أما بعد، فإن يكن التقصير منك مقدما، فعد الاكتفاء أن يكون لك مؤخرا وقد علمت بما قدمت فاعمد على أيهما أحببت"[12] بينما وردت رسالة المنصور بن أبي عامر سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة (391هـ) إلى قواد جيشه يعنفهم على تقصيرهم بأسلوب الاعتدال[13]، في حين جاءت رسالة علي بن يوسف إلى جند بنلسية سنة ثلاثة عشر وخمسمائة (513هـ) عالج الموضوع ذاته وفيها إطناب"[14]، والشيء نفسه نلاحظه في رسائل الفتوحات، فقد جاءت رسالة موسى بن نصير إلى الوليد بن عبد الملك يبشره بفتح الأندلس موجزة: " إنها ليست كالفتوح يا أمير المؤمنين، ولكنه الحشر"[15]، ومنها ما جاءت معتدلة كرسالة عبد المؤمن بن علي لما فتح السوس الأقصى سنة تسع وعشرين وخمسمائة (529هـ)، مما جاء فيها:".. فيميزنا عسكرا مباركا من خيل ورجل، فخرجوا من ناحية" تارودانت" وبعثنا تلك الليلة سرية إلى أسفل السوس، فوجدوا بلاد المجسم معمورة قد سكنوا بأهليهم ومواشيهم، فقتلوهم وغنموا أموالهم بقرا وغنما ودوابا وعيرا، وسبوا ذراريهم وأهاليهم، ورجعوا سالمين غانمين.." [16]، بينما وردت رسالة موجهة إلى علي بن يوسف في فتح إقليش فيها إطناب، منها قوله:" توجهنا إلى الله نقتفي سبيله ونبتغي دليله، فما رفع الفجر من حجابه، ولا كشر الصبح عن نابه، حتى ارتفعت ألوية الدين سامية الأعلام واتسعت أقضية المسلمين ماضية الأحكام.." [17]