الخميس، 21 يناير 2016

غوص في الذاكرة الأندلسية / بقلم الدكتورة سامية جباري


سلسلة دراسات أندلسية
مقال العدد1                         
تحتل  كلمة الأندلس مكانة عزيزة في نفوس الباحثين في غمار الذاكرة العربية، الباحثين عن الهوية الاسلامية ،عن التراث الذي غطاه تراب الزمن فلم يعد يظهر بريقه في صفحات حاضرنا.
الأندلس تاريخ مبعثر في دروب موحشة، وفي أزقة الذاكرة المهجورة.. تاريخ نلمح خطوط شمسه الذهبية تسطع على صفحات ألاف الكتب والمؤلفات باتت على رفوف المكتبات يلفها غبار النسيان.
الأندلس حضارة خالدة صورت تاريخ الأمتين العربية والإسلامية، حضارة هزت الدنيا وأعطت دروسا على مر الازمان في البسالة والبطولة، في اعلاء كلمة الحق والدفاع عن الدين، في الفنون والآداب والعلوم ،في ألوان الفكر والثقافة، في السياسات وأساليب الحكم..
الأندلس ذكرى أمة مجيدة وشعب عريق أثبتت أنها ساهمت في رسم معالم الحضارة الاسلامية برجالها وفكرها وانجازاتها وثقافتها. والتي  قدمت للبشرية أعلاما أفذاذا كان لهم الفضل في تنوير الفكر البشري وفي صياغة رؤى جديدة أسست لحضارة نافست مثيلاتها في المشرق وخلدت اسماء عظيمة كعظمة رجالها كابن خلدون وابن حزم وغيرهم كثير..
والمكتبة الأندلسية غنية بأمهات الكتب التي غاصت في تاريخ الوجود الاسلامي بالاندلس طيلة ثمانية قرون والتي لازالت شاهدة على عراقة الحضارة التي غرسها المسلمون في قلب أوربا.فقد ابدعوا في التاريخ والجغرافيا في العلوم والرياضيات في الفلك والتنجيم في الادب والفلسفة في الطب والصيدلة في الفقه واللغة...انها شذرات من ذهب ظلت محط أنظار الشرق والغرب فكثرت الدراسات وتنوعت مشاربها وتعددت صورها حتى نافسهم في ذلك المستشرقون بترجمة او تحليل او تاكيد او صياغة جديدة..
إنها الأندلس الفردوس المفقود نريد من خلال هذه السلسة ان نقف عند كل ما انتجته هذه الحضارة فأهّلها أن تحتل الريادة في وقتها وقد نافست كبرى الحضارات فأذعن لها الملوك والسلاطين واعترف لها العلماء والباحثين.
نغوص في الذاكرة العربية الاسلامية، نتعرف على العادات والتقاليد، نتصفح شتى العلوم والفنون بالدراسة والتحليل، ننظر في الأخلاق والدين، نقلّب صفحات المجد والبطولة فنقف على اساليب الحكم وسيرة الملوك،نستقرئ النصوص الأدبية لنلمس رقة مشاعر ورهافة حس الاندلسيين من خلال اشعارهم وكتاباتهم، من خلال دروسهم ومواعظهم، من خلال منتوجهم وأعمالهم.
إنها الأندلس التاريخ الحي الذي لازال يعيش بداخلنا وقد ضرب أروع الأمثلة لحضارة بلغ صداها عنان السماء..نريد ان نعيش هذه الحضارة نزيل الغبار عنها نتعرف عن قرب على خصائصها على مميزاتها على ملامحها فاستحقت أن تحتل اهتمام اهل العلم ليفردوا لها التصانيف والتواليف..

من هنا ارتأيت ان تكون مشاركتي بسلسلة من الدراسات الاندلسية عساها تقرب الأفهام، وتزيل النقاب عن مختلف جوانب الحياة الأندلسية، وتمسح الغبار عنها لتكون حلقة اضافية للدراسات المهتمة بالحضارة الإسلامية. 

0 commentaires:

إرسال تعليق