المشاركة السياسية للمرأة الجزائرية
حركة مجتمع السلم أنموذجا
الدكتورة سامية جباري
جامعة الجزائر1
قدّمت هذه المداخلة في
الملتقى الدولي بالجامعة الاسلامية بغزة حول العمل الاسلامي افاقه وضوابطه 2012
وهي متوبعة
بعرض باوربونت كملخص لها
مقدمة:
ما
زالت المرأة تحتل مساحة كبيرة في الفكر الإنساني
وفي النقاشات اليومية سواء من قبل المثقفين والسياسيين أو
من قبل وسائل الإعلام الغربية والعربية وغيرها. وما زالت
المرأة تجد اهتمامًا ملموسًا في الشرائع السماوية والأديان والاتفاقيات الدولية والمنظمات الحقوقية والنسوية ووثائق الأمم المتحدة.
وإذا نظرنا إلى الفقه الإسلامي نظرة
متفحصة، وراجعنا كتب المعاملات الاجتماعية الإسلامية لقرأنا ما يدعو للدهشة من كون
المرأة فاعلة منذ اللحظات الأولى لنشوء الديانة الإسلامية، بدء من السيدة خديجة
بنت خويلد أم المؤمنين الأولى رضي الله عنها، وانتهاء إلى ما شاء الله من عباده
المؤمنات المدركات لدورهن في الحياة كما رسمته الشريعة الغراء.
ولما كانت المرأة تمثل نصف المجتمع
ولها مسؤولية كبرى في تربية النشء فان بقاءها على هامش الدورة الاقتصادية والنشاط
الاجتماعي والمسؤولية السياسية يمثل عائقا أمام التقدم الاجتماعي والتنمية
الإنسانية الشاملة.
ولأن
قضية المرأة قضية عالمية و التمييز ضدها
ليس مقصورا على مجتمعات بعينها بل تعاني منه النساء بقدر أو بآخر في مختلف المجتمعات فقد أولت الهيئات الدولية هذه
القضية اهتماما خاصا وانهمكت المجتمعات في العقود القليلة الأخيرة بإنشاء الأطر
والهيئات وعقد المؤتمرات والفعاليات وتكثيف البرامج والمشاريع وتكثيف البحوث
والدراسات واستحداث الآليات وإعداد الخطط والاتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف
من أجل تسليط الضوء على هذه القضية والعمل على النهوض بأوضاع المرأة.
وقد أثار هذا
الواقع أسئلة مختلفة حول العوامل والظروف التي جعلت المرأة تحقق الكثير من الإنجازات على
صعيد التعليم أو العمل
ولكنها أخفقت في تحقيق معدلات مشاركة اكبر في الحياة
السياسية والعامة في البلاد.
ويثير هذا الواقع عدة تساؤلات حول سبب عزوف غالبية النساء المتفوقات علميا أو عمليا عن
الانخراط في النشاط السياسي
والمشاركة فيه و تفضيلهن المجال الخاص
كالأعمال والمهن أو
كالقطاع الخيري.
يثار اليوم جدل كبير في جميع أنحاء
العالم, خاصة منه العربي الإسلامي حول دور المرأة في المجتمع, فتعددت الرؤى
واختلفت بين مغالي يرى أن دورها يجب أن لا يتعدى حدود البيت وبين آخر يرى أن
إقحامها في جميع مناحي الحياة الاقتصادية السياسية والاجتماعية ضرورة لا بد منها
للنهوض بالمجتمع وتلبية حاجاته.
فتعددت الدراسات والأبحاث في كيفية
إشراك المرأة في مناحي الحياة المختلفة ومن أهم مجالات البحث التي حظيت بتعدد
الآراء وتنوع الأفكار هي المشاركة السياسية للمرأة وذلك في ظل التغيرات الدولية
والتنظيمات العالمية والتعديلات التي لحقت المنظومة القانونية.
من هنا جاءت هذه الدراسة لتنظر في
مدى تفاعل المرأة مع التشريعات القانونية الرامية إلى تحسين وضعيتها وإشراكها في
مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية لاسيما السياسية منها على اعتبار أن حضورها
في هذا الجانب لازال يعاني التهميش رغم الجهود المبذولة لترقيتها سياسيا وإدماجها
في مراكز صنع القرار.
ستكون تجربة المرأة والمشاركة
السياسية في الجزائر محل البحث والنقاش لنتتبع تدريجيا المجهودات المبذولة من طرف
السلطات المحلية الرامية إلى إشراك المرأة في الحياة السياسية لتخوض تجربة الإدماج
في الحياة العامة والوقوف عند أوجه نضال المرأة الجزائرية دفعا لترقيتها من خلال
الأحزاب التي احتضنتها، موسعين النظر في أهم حزب أولى المرأة أهمية كبرى وكان له
السبق في إشراكها ضمن صفوفه تنظّر وتناقش وتستشار وتخطط جنبا إلى جنب مع الرجل آلا
وهي حركة مجتمع السلم. ولكن قبل ذلك لابد أن نستعرض أهم ما قدمته المرأة الجزائرية
في تاريخ نضالها.
إن المشاركة السياسية في أي مجتمع هي
محصلة نهائية لجملة من العوامل الاجتماعية الاقتصادية والمعرفية والثقافية
والسياسية والأخلاقية؛ تتضافر في تحديد بنية المجتمع المعني ونظامه السياسي
وسماتهما وآليات اشتغالهما، وتحدد نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية ومدى
توافقها مع مبدأ المشاركة الذي بات معلماً رئيساً من معالم المجتمعات المدنية
الحديثة.
وبعبارة أخرى، )المشاركة السياسية مبدأ ديمقراطي من أهم مبادئ الدولة الوطنية الحديثة؛
مبدأ يمكننا أن نميز في ضوئه الأنظمة الوطنية الديمقراطية التي تقوم على
المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، من الأنظمة الاستبدادية، الشمولية أو
التسلطية التي تقوم على الاحتكار. مبدأ يقيم فرقاً نوعياً بين نظام وطني ديمقراطي
قوامه الوحدة الوطنية، وحدة الاختلاف والتنوع والتعارض الجدلي، ونظام شمولي أو
تسلطي قوامه الحاجز الاجتماعي والحرب الأهلية الكامنة التي يمكن أن
تنفجر عنفاً عارياً وتدميراً ذاتياً في أي وقت. مبدأ سياسي وأخلاقي يقيم
فرقاً نوعياً بين الحرية والاستبداد. ( 1
نضال المرأة الجزائرية إبان ثورة التحرير:
إن
تطور الأحداث السياسية في بداية الخمسينيات والتي توجت باندلاع الثورة المظفرة دفع
المرأة الجزائرية إلى أن ترفض البقاء معزولة عما يجري حولها من أحداث بل وأصرت على
المشاركة فيها بشكل واضح ومباشر وأن تسجل وجودها عمليا في ثورة نوفمبر 1954م فكان
عليها أن تضطلع بواجبها في العمل الثوري بجانب الرجل, وأن تتحمل كأم وزوجة وأخت
القسط الأكبر من مشاق وأتعاب وتضحيات سواء في الحفاظ على تماسك الأسرة والقيام
بشؤون البيت, أو القيام برعاية ضحايا الحرب وإنجاز الأعمال الثورية
وانطلاقا
من إيمانها الراسخ بدورها الفعال في كل الجبهات, أدركت المرأة مسؤوليتها تجاه
دينها ووطنها, فنهضت وقامت بجانب الرجل داخل صفوف الثورة المسلحة بإيمان و إرادة
صلبة تعزز صفوف المجاهدين و المجاهدات و تكافح في الريف و المدينة...
كانت
المرأة الجزائرية خلال الثورة وقبلها مثالا للشجاعة والتضحية والبطولة، وقد سجل
لنا التاريخ نساء قدن المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي، ونذكر هنا "لالا فاطمة نسومر" التي كانت تمتاز بخصائص مميزة
مكنتها من قيادة الثورة الشعبية في منطقة القبائل، وتمكنت من تحقيق انتصارات على
الجيش الفرنسي، وبذلك ذاع صيتها في كل أرجاء الوطن واستطاعت أن تبث الرعب في أوساط
الجيش الفرنسي,وقد شاركت هذه الأخيرة في أغلب المعارك وحققت انتصارات شهد لها
الأعداء، كما قدمت نساء أخريات مساعدات كبيرة للمقاومة الشعبية بالمؤن والعتاد
والدعم المعنوي من أجل القضاء على الاستعمار وإفشال مخططاته، ولم تثن سياسة
التنكيل التي انتهجها الاستعمار الفرنسي المرأة الجزائرية عن أداء دورها بكل عزم
وإصرار.
يشير
إلى هذه المعاني الشيخ أبو جرة سلطاني في تحليله لدور المرأة إبان الاستدمار
الفرنسي وعقب أحداث 11ديسمبر 1945 يقول: )تحولت عقلية بعض النساء من رصيد
فكر الحريم إلى الثورة على الواقع، وقد وجدن أمامهن من نماذج الثورة على الاستدمار
نفسه ما شجعهن على التفكير في كسر كل القيود التي كبلت طاقتهن والانتقال من حياة
الحريم إلى حياة الكفاح لتحرير الوطن.( 2
وكما
هو معروف أن تاريخ الثورة يحتفظ بأسماء المئات من الشهيدات 3
وبعد
سنة 1956 كانت مشاركة المرأة واضحة في جيش التحرير كمجاهدة تحمل السلاح، لكن هذه
الأخيرة لم ترق في الرتب العسكرية بالرغم من مشاركتها الفعالة حتى في المعارك التي
خاضها جيش التحرير ضد قوات العدو الفرنسي.
وقد
أشاد مؤتمر الصومام بمساهمة المرأة في الثورة وثمن دور الحركة النسائية على العمل
الباهر المقدم لجيش التحرير وجبهة التحرير الوطني الذي قدمته هذه الأخيرة كمجندة
في الجبال أو كزوجة تعيل الأبناء، وكانت قناعتها أن الثورة ستنتهي لا محالة
بالحصول على الاستقلال، وقد حصر مؤتمر الصومام في تقريره الصادر سنة 1959 دور
المرأة الجزائرية فيما يلي:
1-
مؤازرة جنود جيش التحرير عسكريا ومعنويا.
2-
مقت الوشاة واحتقار الجبناء.
3-
المساهمة في الجانب الإعلامي والاتصالات والتموين وإعداد الملاجئ.
4-
إعطاء الإعانات للثورة. 4
ويعد
الاشتراك دليلا على إيمان المواطنة بالثورة وتدعيمها، )ونجد
الكثير من النساء تبرعن بما يملكن من أموال وحلي وحتى بمهورهن أحيانا لصالح الثورة
الجزائرية، وقد تكلفت الكثير من النساء بمهمة جمع التبرعات لصالح الثورة وتقديمها
للجان المختصة بالتمويل.( 5
وقد
أوكلت هذه المهمة للكثير من النسوة )وكانت مهامهم
تتمثل في إيصال المعلومات وتزويد المسئولين بالأخبار والمشاركة في التموين بالمواد
الغذائية والقيام بالحراسة، ومراقبة تحركات قوافل العدو، والإبلاغ عن الخونة،
وتحركات بعض ضباط وجنود الجيش الفرنسي لاسيما في المدن.
(6
إذ
نجد الكثير من النسوة كلفهن جيش التحرير بتنفيذ عمليات محددة ومعينة خاصة في
المقاهي والأندية التي يرتادها جنود الجيش الفرنسي، وقد تجلت هذه العمليات في
معركة الجزائر، )وكانت المرأة
الفدائية تضع القنابل بنفسها في المناطق المستهدفة، وتنقل الذخيرة في المدن
وأحيانا تتشبه بالمرأة الأوروبية في لباسها وشكلها من أجل تحقيق مهمة كلفتها بها
الثورة.( 7
ويذكر
الكثير من المجاهدين أن المراكز الصحية لجيش التحرير الوطني كان بها الكثير من
المجاهدات )اللواتي كن
يقدمن الإسعافات للمجاهدين الجرحى أو حتى للمدنيين ضحايا العدوان الفرنسي( 8
تعرضت
الكثير من المجاهدات الجزائريات إلى الاعتقال والتعذيب من طرف القوات الفرنسية
بسبب مشاركة هؤلاء في الثورة بصفة مباشرة وغير مباشرة، وفي هذا المضمار نذكر
المجاهدة "جميلة بوحيرد" التي ألقي عليها القبض في القصبة بالجزائر
من طرف قوات المظليين التابعة للعدو الفرنسي، )وقد
مورست عليها كل أشكال التعذيب، وخضعت لمحاكمة غير عادلة ولم يثن ذلك من عزيمتها
الثورية وظلت صامدة في وجه آلة التعذيب، وقد لقيت محاكمة هذه البطلة ردود فعل قوية
في الداخل والخارج، وتكلم الإعلام الخاص بالثورة أو حتى الإعلام الأوروبي على هذه
البطلة، وخرجت مظاهرات في العديد من الدول مستنكرة سياسة التعذيب الفرنسي مدعمة
الثورة الجزائرية . (9
لعبت المرأة الجزائرية إبان الثورة
التحريرية دورا رياديا، فكانت المجاهدة بمالها ونفسها والفدائية والمسبلة
والمناضلة التي قامت بواجبها بكل إخلاص، وشملت تضحيتها كل الميادين، إذ كافحت قوات
العدو الفرنسي في الأرياف والجبال والمدن والقرى كجندية في جيش التحرير، كما عالجت
المرضى والجرحى من المجاهدين في المراكز الصحية، وتعرضت إلى السجن والاعتقال
والتعذيب والتنكيل والاغتصاب، فكانت مثالا لكل نساء العالم في التضحية والفداء.
كل ذلك نابع من إيمانها العميق
بقضيتها الوطنية وتفانيها في المقاومة بأشكالها المتنوعة،
وهذا بدوره صورة للمشاركة السياسية النابعة من الإرادة الذاتية
، و الإيمان بضرورة
أداء الدور وتحمل المسؤولية بكل أعبائها .
المرأة الجزائرية بعد الاستقلال:
عرفت الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا
سنة 1962، تحولات اجتماعية واقتصادية عميقة كان لها تأثير على وضع المرأة في
الأسرة والمجتمع، وكنتيجة لذلك شهدت التشريعات القانونية تحسنا مطردا لفائدة
المرأة في كل المجالات خاصة في مجال الحياة العامة، حيث تؤكد كل القوانين على
تساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط، كما مُنحت
حق الانتخاب والترشح منذ الاستقلال.
إن المشرع الجزائري أقر بحقوق المرأة
ومساواتها مع الرجل وضمّنها خلال المنظومة التشريعية الوطنية مواد سواء كان ذلك من خلال الدستور أو القوانين
الأخرى وذلك )تجسيدا لما تضمنته
المواثيق الدولية التي تعتبر التشريع الأول للجزائر بعد التصديق عليها أو الانضمام
لها من طرف الجزائر.( 10
كما أحيطت المشاركة السياسية للمرأة
الجزائرية بالتزامات دولية؛ حيث صادقت الجزائر على كل الاتفاقيات
الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان عامة وتلك المتعلقة بحقوق المرأة،
وتَعتبر الجزائر) أن الالتزامات الدولية
تعلو القوانين الوطنية، لاسيما القانون الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية
والاتفاقية الدولية المتعلقة بإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقية
الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة والتي صادقت عليها الجزائر في 2004 . (11
نعتقد
أن مجمل الحقوق التي افتكتها القوى النسوية في عالمنا هذا،إنما هي نتاج أولا و قبل
كل شيء نضالاتها المستميتة عبر الزمن . وهو ما ينطبق تماما على وضعية المرأة في
الجزائر . ذلك أنه بفعل أدوارها عبر التاريخ القديم منه و الحـديث، استطاعت أن
توجد لنفسها موقعا قياديا و رياديا إبان الاحتلال، و لنا في لالا فاطمة نســومر، و
حسيبة بن بوعلي، و جميلة بوحيرد، و أخريات كثيرات أحسن مثال . كما تمكنت المرأة
الجزائرية في عهد الاستقلال أن تؤسس لنفسها مركزا قانونيا محوريا مافتئ يتطور
باستمرار حتى أصبحت وزيرة ، بل مرشحة لمنصب رئاسة الجمهورية .
المشاركة
السياسية للمرأة الجزائرية:
أولت
الدولة الجزائرية منذ استقلالها اهتماما كبيرا بقضايا المرأة اعتقادا منها أنها
المحرك الدافع بعجلة المجتمع نحو الرقي، لأن الثقل التي تحمله كمواطنة و زوجة و أم
و عاملة يجعلها عنصرا محوريا في تماسك المجتمع و حدته و ازدهاره، و ما تأسيس وزارة
الأسرة و قضايا المرأة إلا دليل على حرص الدولة على ترقية وضعية المرأة، و يجعل من الجزائر الدولة الأولى
و الوحيدة عربيا التي تضع شؤون المرأة في حقيبة وزارية.
وعلى الرغم من النجاحات الكبيرة
للمرأة الجزائرية في مختلف المجالات، وتكريس الدولة الجزائرية مبدأ المساواة بين
الجنسين في الدستور والقوانين كلها، خاصة المساواة بحق الانتخاب والترشح وممارسة
العمل السياسي، إلا أن نسبة تمثيلها في البرلمان ظلت ضعيفة و لا تتوافق مع حجم
الحضور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمرأة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة،
وبهدف توسيع حجم مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة تم تعديل الدستور في نوفمبر
2008، حيث تنص المادة 31 مكرر على أن" تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية
للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة."
وتطبيقا لأحكام المادة 31 مكرّر من
الدستور صدر قانون عضوي رقم 12 - 03 مؤرّخ في 12 جانفي سنة 2012، و الذي )يحدد كيفيات توسيع حظوظ تمثيل المرأة في
المجالس المنتخبة، وينص هذا القانون العضوي على أن ألاّ يقل عدد النساء في كل
قائمة ترشيحات، حرّة أو مقدمة من حزب أو عدة أحزاب سياسية، عن النسب المحددة كما
يلي ـ: في انتخابات المجلس الشعبي الوطني 20% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أربعة
مقاعد، و 30% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أو يفوق خمسة مقاعد، و 35% عندما يكون
عدد المقاعد يساوي أو يفوق أربعة عشر مقعدا، و40% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أو
يفوق اثنين وثلاثين مقعدا، و 50% بالنسبة لمقاعد الجالية الوطنية في الخارج.
وحسب ذات القانون يؤدي عدم الالتزام
بهذا الشرط إلى رفض القائمة بكاملها، من ناحية أخرى ينص القانون على أن يستخلف
المترشح أو المنتخب بمترشح أو منتخب من نفس الجنس، وهي محاولة من السلطات لتحفيز
الأحزاب السياسية على منح المزيد من الفرص للنساء، وقد وعدت الدولة بمساعدة مالية
خاصة للأحزاب السياسية بحسب عدد مرشحاته المنتخبات في المجالس الشعبية البلدية
والولائية وفي البرلمان( 12.
المرأة الجزائرية والنضال الحزبي:
و
جاءت أحداث أكتوبر 1988 لتدخُل الجزائر مرحلة جديدة تنقلها من مرحلة الحزب الواحد إلى مرحلة التعددية الحزبية الهادفة أساسا إلى كسب الرأي العام ، و لم تتأخر
المرأة في التفاعل مع
الوضع الجديد ،حيث أرادت أن تفرض
كفاءتها و قدرتها
على المستوى السياسي من خلال تحسين
مواقعها في هياكل
الدولة ، كما
كانت تهدف على المستوى القاعدي إلى نشر الوعي السياسي على مستوى الجنسين ، و كشفت هذه
المرحلة أن نضال المرأة
الجزائرية و إن لم
يكن بارزا في عهد الأحادية
الحزبية إلا أنه شكل قاعدة انطلاق للمشاركة السياسية للمرأة من خلال الانخراط
بكثافة في الأحزاب بمختلف
توجهاتها الإيديولوجية ، و تزعمت نساء أحزابا سياسية ، و أخريات في
مواقع قيادية في أحزابهن.
ونظرا
لذلك ظهرت عدة أحزاب سياسية بالجزائر؛ و رغم أنه
لا يوجد أي قيود على مشاركة
المرأة الجزائرية في السياسة أو
الانخراط في الأحزاب؛ ومع
ذلك ،) يمكن أن
تواجه النساء اللاتي يحاولن أن يحظين بمناصب
عليا داخل الأحزاب السياسية في أغلب الأحيان مقاومة
من الأعضاء الرجال.( 13
سواء في فترة الأحادية
الحزبية حيث كانت نسبة النساء في حزب جبهة التحرير ضعيفة أو في فترة
التعددية الحزبية؛ حيث لا يعكس تمثيل
النساء في الحزبين الكبيرين للأغلبية الرئاسية ، وهم حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، الدور
الموكول إلى المرأة على الساحة السياسية، فقد عبر كل من
حزب جبهة التحرير الوطني
وهو حزب السلطة والتجمع الوطني الديمقراطي عن مناهضتهما المشتركة لنظام
الحصص، ولم تعبر الأحزاب الأخرى في أغلبها عن
موقف صريح من هذه المسألة .
ماعدا
حركة مجتمع السلم التي تبنت موقفا متقدما بما أنها خصصت نسبة 20 % للنساء في صفوفها
و التجمع من أجل الثقافة
والديمقراطية) الذي أدرج
عند تأسيسه مبدأ المساواة بين الجنسين في برنامجه (.14 ويوجد ثلاثة
أحزاب فقط في الجزائر يرأس
كل منهم امرأة حزب حركة الشباب،... وحزب العمال من
بين جميع الأحزاب السياسية التي تبلغ نحو 70 حزبا ، هذا الأخير ترشحت زعيمته لويزة حنون للانتخابات الرئاسية مرتين في سابقة من
نوعها في الوطن ؛
ومن جهة الدلالة الرمزية فإن هذا الأمر يعتبر بالغ الأهمية بما أنه يفتح الباب في اتجاه حركية
اجتماعية تقبل بصورة متزايدة حضور المرأة في الميدان
السياسي .
ولا
يعرف على وجه التحديد عدد النساء المناضلات في صفوف الأحزاب
السياسية كما لا تعرف المسؤوليات التي يتحملنها، ويمكن استشفاف معلومات بهذا الخصوص من خلا ل ترشح
هؤلاء النساء وحصولهن على مسؤوليات عن طريق الانتخابات.
عملت
الأحزاب السياسية على استقطاب العنصر النسوي لصالحها و ذلك نظرا
للثقل العددي والوزن الاجتماعي الذي تتميز به ، ومع
حرصها على توظيف القوة الانتخابية النسائية لصالحها ، و الإعلاء من
شأنها في أدبياتها، اختلفت هاته الأحزاب فيما بينها من حيث درجة
الاهتمام بقضايا المرأة وأسلوب التعاطي مع هذه القضية .
فحزب
جبهة التحرير الوطني قد انتظمت المرأة
في إطار هذا الحزب في مرحلة ما
بعد الاستقلال من
خلال الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات و بالتالي كان عدد النساء كبيرا ، إلا أنه) في مرحلة
التعددية السياسية و استقلالية الاتحاد
عنه تضاءل هذا العدد لتشتت أعضائه بين الأحزاب الأخرى و التنظيمات غير
الحزبية، و قد
أكد مستدركا في مؤتمره السابع على كفالة حق الترشيح لجميع
المناضلين والمناضلات وفقا لشروط الممارسة النضالية و الأقدمية ،
و بالرغم من ذلك فإنه
لم يقدم في الانتخابات التشريعية لسنة 1997 أية امرأة
من بين 64 نائبا الذين
نجحوا. (15
أما عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي في) برنامجه لسنة 2000 فقد أولى
اهتماما بالمرأة حيث يؤكد على ضرورة تكريس حقوقها وواجباتها في إطار القيم
الوطنية مع محاربة سياسة
الإقصاء والتمييز ، والعمل على تثمين دورها و تشجيعها على
المشاركة و التواجد أكثر
في كل القطاعات
.السياسية
و الاجتماعية و الثقافية.( 16 ، حيث كان
عدد البرلمانيات اللواتي تم انتخابهم في الانتخابات التشريعية
التي أجريت في 30 ماي 2002 هو 25) منتخبة منهن 19 امرأة من
حزب جبهة التحرير الوطني( . 17
كما
يضم المكتب التنفيذي لحزب جبهة القوى الاشتراكية )5
نساء من أصل 30 عضو ، و قدم في
الانتخابات التشريعية لسنة 1991 عدد 9 نساء
، لم تفز
منهن أية امرأة
، إلا أنه في الانتخابات التشريعية
لسنة 1997 فازت امرأتين من أصل 19 نائبا
من صفوف مرشحي هذا الحزب (.18
أما عن حزب
التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية فقد برزت فيه السيدة وزيرة الثقافة
حاليا ، وقد كانت ناطقة رسمية باسم هذا الحزب ، كما شغلت منصب نائب برلمان عنه قبل أن تتخلى عن عضويتها فيه ملتحقة برئيس الجمهورية في عهدته الأولى الذي
نصبها بداية مستشارة لديه، و قد كانت
ناشطة في مجال حقوق المرأة و المجتمع المدني،
و عضوا بارزا في جمعية المساواة
و جمعية الانتصار لحقوق المرأة.
و
من يتكلم على المشاركة السياسية للمرأة لا يمكنه أن
ينسى الأمينة العامة لحزب العمال السيدة لويزة حنون و هو
ثاني حزب ترأسه
امرأة في الجزائر
قبل انتخابات 2012 حيث ظهرت على الساحة السياسية زعيمة أخرى لحزب اعتمد مؤخرا، و
قد مرت الأمينة العامة لحزب العمال
بمراحل النضال السياسي إلى العمل الحزبي إلى التمثيل النيابي ،وصولا إلى الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية ، و معروف على
المرأة الجرأة في الطرح ، و فتح الملفات
الثقيلة التي تعتبرها الساحة السياسية تابوهات .
أما
الأحزاب الإسلامية فقد عرفت انضمام كبيرا للنساء في أوساطها ،
فالجبهة الإسلامية للإنقاذ صرح أعضاؤها بأنهاتيضم عددا من المناضلات) يتراوح
بين 800,000 امرأة من بين 2مليون
مناضل أغلبهن مكونات في العلوم الإسلامية
و طالبات ، و ما يفسر
هذا الانخراط الواسع في صفوف هذا
الحزب هو تعطش الشعب
لحرية التعبير و الإسلام ،و
لهذا أثرت فيه وبشكل كبير الخطب الحماسية التي كان يتميز بها قادة هذا الحزب ، و مارست النساء
في صفوف هذا الحزب أدوارا كثيرة و متعددة من
أجل تنظيم المجتمع حيث عملن في الجمعيات
الخيرية و محو
الأمية ، و قدمن مساعدات
في شتى المجالات ، و بالرغم من
ذلك فإن عدم تواجد العنصر النسوي في مجلس الشورى
قد أثار اعتراض المناضلات من هذا الوضع
، كما. أن الحزب
لم يقدم أي مرشحة في
انتخابات 1991.( 19
أما عن حركة مجتمع
السلم فقد عمل على استقطاب الشخصيات النسائية إلى صفوفه وإعطائهن فرصة التعبير عن الذات من
خلال تحليل و مناقشة مختلف
القضايا ليست الخاصة بالمرأة فحسب و لكن أيضا
مناقشة البرنامج السياسي الحزب و تقديم الرأي
و المشورة ، إضافة إلى الوجود النسائي الفاعل عبر مختلف تدرجاته الهرمية ، حيث إن 20 % من مجلس الشورى
أعلى هيئة تنفيذية للحزب هن نساء ،
كما أن من المميزات
التي تتميز بها النساء في هذا الحزب هو أنها هي
من يتكفل بوضع الخطط و البرامج على
مستوى الأمانات التي يكلفها الحزب بتسييرها، و عموما فإن
مناضلات حركة مجتمع السلم في وضعية متقدمة
في العمل السياسي حيث انصبت اهتماماتهن على الجانب الثقافي و التسامح الاجتماعي
، و عملن في إطار
هدف شامل .
التمثيل النسوي في المجالس
الانتخابية:
دخلت المرأة الجزائرية المجلس
التأسيسي سنة
1962 حيث انتخبت حينها 10 نساء من بين 194 نائبا بما يمثل
%5 من مجمل أعضاء المجلس، وتعتبر هذه النسبة نسبة جيدة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار
حداثة استقلال الجزائر، أما في المجلس الشعبي الوطني لسنة 1976 فكان عدد النساء 10، أما الانتخابات التشريعية التي أجريت في سنة 1990 فكانت
أول انتخابات تشريعية تجرى في ظل النظام
التعددي الذي يعرف بنظام الحريات الفردية و الجماعية ،
فأرادت بذلك السلطة السياسية كسب المصداقية من خلال إعطاء
فرصة للمرأة الجزائرية للتواجد داخل هياكل السلطة ، و بهذا نجد أن كل نظام
سياسي جديد ينتهج في الجزائر يحاول
صانعوه في البداية
التظاهر بإعطاء المرأة
حقوقها كاملة و تمكينها من
اقتحام الهياكل التشريعية و التنفيذية
للسلطة ، و
يفتح لها الباب لتحقيق ذلك ، و بعدها ينخفض
هذا الاهتمام و تنخفض معه نسبة
التواجد النسوي في هذه الهياكل .
و
بعد هذه الانتخابات شهدت الجزائر مرحلة انتقالية بسبب وقف المسار الانتخابي، حيث أنشأت مجلسا وطنيا استشاريا سنة 1992 ضم 06 نساء
إلى غاية سنة 1994 ؛ أين
تأسس المجلس الوطني الانتقالي )الذي كان يظم 12 امرأة بالتعيين من
بين 178 رجلا ،
و بنسبة 6.7 % . و في
سنة 1997 كان أول مجلس شعبي وطني ينتخب بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، حيث بلغ عدد النساء 12 امرأة من، % بين 380 و بنسبة 3.68 و كان أعلى عدد حققته المرأة في سنة 2002 ب 25 منتخبة منهن 24 منتخبة و
واحدة معينة و ذلك بنسبة 6.20 % ، مما يبين التوجه الجديد للسلطة نحو الاهتمام بالمرأة تسجيله في البرلمان
المنتخب سنة2007 والذي يعد 34 امرأة أي
بنسبة 5.32 .%، إلا
أن هذه الزياد
ة في العدد
لم يقابلها زيادة في النسبة
بل بقيت 5.32 % سنة 2007 مقابل 5بالمئة سنة 62
وتطبيقا
لأحكام المادة 31 مكرّر من الدستور صدر قانون عضوي رقم 12 - 03 مؤرّخ في 12 جانفي
سنة 2012، و الذي يحدد كيفيات توسيع حظوظ تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة .فان حظ النساء كان أوفر إذ وصلت نسبة تمثيلهن في المجلس الشعبي الوطني في
انتخابات 2012 إلى145 امرأة ضمن 462 مقعدا . أي 38،31 بالمئة.( 20
أما
على مستوى المجالس المحلية فإن التمثيل النسوي كان ضعيفا مثل المجالس البرلمانية ، و رغم تمتع
المرأة الجزائرية بطابع ديموغرافي عال باعتبارها أكثر من نصف المجتمع و بطابع تاريخي
باعتبارها مشاركة في صنع الاستقلال
الوطني ، إلا إن نسبة المرشحات ضئيلة بالنسبة للعدد
الإجمالي للمرشحين ، هذه النسبة لا تتعدى 10 % في
أحسن حالاتها ، فيما لا تتدنى عن 1% في أسوء الحالات
، و
تشهد هذه النسبة تغيرات طفيفة لا تعكس تطورا
في وضع المرأة داخل المجالس المحلية ؛
لكن
وبعد الإصلاحات السياسية التي شهدتها الجزائر في مطلع التسعينات
، شهد تمثيل المرأة في المجالس المحلية
نوعا من الارتفاع بالمقارنة
مع السنوات السابقة للإصلاح ، لكن النسبة لم ترق إلى
المستوى المطلوب.
ففي
الانتخابات المحلية التي أجريت سنة) 1997 ترشحت للمجالس
البلدية 1281 امرأة فازت من بينهن75 امرأة،
أما في المجالس الولائية
فقد ترشحت 905 امرأة لم
تفز سوى 62 امرأة، أما
في الانتخابات المحلية لسنة 2002 فقد ترشحت
للمجالس البلدية 3679 امرأة لم تفز
سوى 147 امرأة، وللمجالس
الولائية ترشحت 2684 امرأة لم
تفز سوى 113 إمارة.( 21
تبين
نتائج هذه الاستحقاقات الانتخابية المحلية 2002 أن انتخاب النساء
في المجالس المحلية بقي )ضئيلا
فعلا، بل يكاد يكون
منعدم خاصة في الولايا ت
والبلديات التي تعرف بالجزائر العميقة أي المناطق المحافظة
الريفية والصحراوية.( 22
وفي
الانتخابات التشريعية التي جرت في 2007 فقد فازت
في المجالس الشعبية الولائية 129 امرأة أي
بنسبة 13.44 %، أما
في المجالس الشعبية البلدية فقد فازت 3.% 103 امرأة
بنسبة 0.74
أما فيما يتعلق بالانتخابات المحلية
لسنة 2012 فإننا نلمس ارتفاعا في التمثيل النسوي تبعا لما منحته المادة 31 مكرر من
الدستور حيث بلغت نسبة النساء المنتخبات في المجالس البلدية ارتفعت إلى 21,16 %
نسبة النساء بينما في المجالس الولائية ارتفعت إلى 27.95 %
وغالبا
ما تسند للنساء الأدوار الاجتماعية الثانوية في البلديات وقد
تسند للنساء رئاسة اللجان بصفة استثنائية، وفي حال وقع اختيارهن فإنهن يكلفن بالهياكل والمهام الاجتماعية مثل الصحة والطفولة والتضامن وغير ذلك ، ويظل إجمالا تمثيل المرأة في المؤسسات
السياسية المحلية تمثيلا
ضعيفا وبطيء التطور.
أما
في الهياكل التنفيذية المحلية فإن المرأة وإن كانت تسجل حضورها في وظائف
انتخابية داخل المجالس
المحلية فإن حضورها في وظائف
صنع القرار السياسي والإداري في المستوى المحلي لا يرتقي إلى
نفس المستوى، حيث تم تعيين امرأة
في منصب والي ة للمرة الأولى في العام 1999 وتبع
ذلك تعيين واليتين خارج الإطار ووالية منتدبة وإحدى عشر رئيسة دائرة.
ويعتبر
عدد النساء اللواتي يقع تعيينهن لتولي منصب والي أو كاتب عام
لولاية أو رئيس دائرة عددا غير كاف.
خلاصة
القول هنا أن المشاركة السياسية
للمرأة الجزائرية في المجالس المحلية تتسم
بالضعف) وتعكس النسب
الحالية لتواجد النساء في المجالس المحلية
ضعف الاهتمام الذي تبديه الأحزاب السياسية بمسألة إدماج المرأة في العمل البلدي،
وكذلك راجع إلى عدم تبني نظام الكوتا النسوية.( 23
المرأة في أدبيات حركة مجتمع
السلم 20 سنة من النضال السياسي:
لقد كانت
المرأة الجزائرية و مازالت دائما مثالا
يحتذي به سواء إبان الثورة التحريرية التي
شاركت فيها و ضحت بكل ما تملك من غال و
نفيس فداء لهذا الوطن الغالي, أو بعد الاستقلال حيث واصلت و استكملت المشوار رغم
ما خلفه الاستعمار من جهل و تخلف داخل مجتمعنا والذي لم يكن عائقا أمام المرأة الجزائرية
الحرة لتستكمل مرحلة البناء و التشييد و لو على نطاق محدود.
و لما كانت المرأة الجزائرية متطلعة
إلى أدوار ريادية تحمي من خلالها الوطن و الدين و العرض ,كانت حاضنة للصحوة
الإسلامية التي انتشرت في الجزائر في سبعينات القرن الماضي لتجد نفسها جنبا إلى
جنب الرجل في الحركة الإسلامية ,لتعيد إحياء قيم و مبادئ إسلامية كانت متأصلة في
المجتمع الجزائري و لكن غيبت من طرف الاستعمار الفرنسي سابقا ,و أتباعه القائمين
على مشاريعه لاحقا, و عملت المرأة في حقل الدعوة ملتزمة بالزي و الأخلاق الإسلامية
لتحارب الأمية و تربي الأجيال و ترعى القيم رغم صعوبة المرحلة التي اتسمت بالسرية.
و من
الحركات الإسلامية التي استقطبت هذا العنصر الهام في المجتمع كان التيار الإسلامي
الوسطي المعتدل , الذي تمتد جذوره إلى معظم البلدان العربية و الإسلامية والذي يرى
في تطبيق الإسلام في كل مناحي الحياة ,سبيلا للخروج من الأزمات بعيدا عن التطرف و
العنف، إنها حركة مجتمع السلم التي مهدت السبيل للمرأة ورسمت لها خطى واضحة
المعالم لتكون فاعلة في المجتمع.
إن العام والخاص يشهد بتميز حركة مجتمع
السلم في دعوتها إلى ضرورة إشراك المرأة في عملية التنمية الوطنية الشاملة وتطوير
أدائها ودفعها نحو التطلع إلى أدوار أكثر فاعلية وايجابية وخوض معركة البناء
والمحافظة على الثوابت الوطنية. )كان التعامل الأساسي معها يتم عبر التركيز على ضرورة تعميم التعليم
وإجباريته، ثم على المساواة بين كل الجزائريين ذكورا وإناثا رجالا ونساء، وعلى نشر
الفضائل والأخلاق الإسلامية ومحاربة العادات والتقاليد البالية المنتشرة في
الأوساط الشعبية.( 24
ثم السعي لاجل )ترقية مشاركتها في ظل تعزيز مكانة الدولة في اطار النظام الجمهوري
الديمقراطي التعددي والحفاظ على الحريات وحقوق الانسان وترقية حقوق المرأة وتطوير
سلوك المواطنة.( 25
يقول الشيخ محفوظ نحناح طيب الله ثراه: ) المرأة هي نصف المجتمع ومحور الأسرة تؤدي أخطر
الأدوار وأهمها في تربية النشء، لذلك ينبغي أن نبدأ برفض النظرة المغلوطة التي ترى
في قضية المرأة صراعا مع الرجل، فالمرأة والرجل متساويان في الحقوق والواجبات
العامة والمكانة الإنسانية ولكل منهما استعدادات ومكونات نفسية وبيولوجية مميزة
ومكملة للآخر ولا يمكن بتاتا لأحدهما الاستغناء عن الأخر او القيام بدوره بدلا
عنه، وتبقى المشاركة الكاملة للمرأة في الحياة السياسية الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية شرطا ضروريا لنجاح اي مسعى للنهضة.( 26
فكانت البداية من الجامعة حيث )قاد الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله
مع رفيقه الشيخ محمد بو سليماني رحمه الله تنظيما سريا أطلق عليه اسم جماعة
الموحدين مع ثلة من الطلبة والأساتذة الذين كانوا يترددون على الحلقات الفكرية
التي كان ينشطها الأستاذ مالك بن نبي.( 27
فبدأ التركيز على المرأة الطالبة
في الجامعة في السبعينيات بتحفيزها على البحث والدراسة والاهتمام بها في الجانب
العلمي والدعوي لتكون لبنة بناء في مؤسسات الدولة الجزائرية وإخراجها من دائرة
الجهل واللاوعي. فبدأ العمل على ايجاد قيادات نسائية مثقفة رائدة تطمح إلى إيجاد
الفرد المسلم والبيت المسلم والمجتمع المسلم لتنخرط في صفوف الحركة في المرحلة
السرية ،ثم جاء الانخراط في التنظيم فحملت المرأة المسلمة الرسالة إلى المجتمع
المغلق عبر المسجد والجامعة تخطب وتحاضر فنشرت الفكرة ونصرت التنظيم وجاءت لحظات
التأسيس وظهور الحزب الذي عمل على إيضاح الرؤية للمرأة بإبراز فعاليتها وتوجيهها
نحو أدوارها الأساسية وتعليمها كيفية التعاطي مع الواقع والمستجدات والتطورات
وكيفية اقتحام كل الميادين دون استثناء، الاجتماعية منها والخيرية والتربوية
والثقافية والسياسية والاقتصادية وفق الضوابط الشرعية.ويؤكد هذا المعنى ما قاله
رئيس الحركة الحالي الشيخ أبو جرة سلطاني )بان المرأة عندنا قوة أساسية وهي
الجناح الثاني لطائر الحضارة والتقدم وتعطيل وظيفتها هو تعطيل لعملية الإقلاع
الحضاري ( 28.
واعتبر في المقام ذاته )أن الدعوة إذا غابت عنها المرأة
صارت دينا ذكوريا والحركة إذا همشت الطاقة النسوية تحولت إلى حركة ذكور وليس حركة
مجتمع كما يدل عليها اسمها.( 29
ولكن قبل ذلك وأثناء بدايات التحول الديمقراطي في الجزائر, بعد أحداث
أكتوبر 1988 و الإقرار في الدستور الجديد بحرية تكوين الأحزاب و الجمعيات فانعقد
تبعا لذلك) في نوفمبر 1988 أول تجمع لحركة الشيخ محفوظ
نحناح وأعلن عن إنشاء جمعية وطنية ذات طابع خيري( 30
فجاءت: جمعية الإرشاد و الإصلاح الوطنية وقد لعبت دورا بارزا في )توجيه الأحداث والتكفل بالجانب الاجتماعي
قبل ميلاد الاحزاب الجزائرية وتناسلها من تحت قبة المادة 40 من الدستور الجديد.( 31
فكانت بذلك المحضن الأول الذي استقطب
العنصر النسوي بكل قوة كواجهة اجتماعية تعنى بالعمل الخيري فشاركت في جمعية الإرشاد والإصلاح
حيث تضمنت هيكلتها عضوية المرأة فأبدعت في العمل الخيري,وتبنت قضايا مجتمعها ولم
تبق في حدود الجزائر بل خرجت إلى تبني قضايا الأمة العربية والإسلامية منها قضية
البوسنة والهرسك على سبيل المثال لا الحصر.
ولم يستمر الوضع على حاله , حتى اقتضت الضرورة
تأسيس و ميلاد حركة المجتمع الإسلامي حماس برئاسة
الشيخ محفوظ نحناح (رحمه الله) كتنظيم سياسي )يكون أداة للعملية التغييرية يهدف هذا التنظيم الذي عبر من خلاله عن
نضج في فكره السياسي وبعد نظر في رسمه لملامح المستقبل وادر كان تنظمن ورائه مه
يجب أن يكون على درجة عليا من القوة المعنوية المتمثلة أساسا في الإقناع الراسخ
بأنها على درب الحق وانه رقم هام في المعادلة السياسية(32
لتظهر المرأة في الحركة كعنصر فعال يشارك في
العملية السياسية الفتية و يدخل العمل الإسلامي الميداني من أبوابه الواسعة ,فقد
كانت إذا ثنائية : ( الإرشاد و حماس) محطتان أساسيتان فسحتا المجال أمام المرأة
لتبدأ مشوارها الدعوي في العلن دون التنازل عن المكتسبات السابقة . لذلك كان ضمن
رؤية الحركة )وضع سياسة تهدف الى
ترقية دور المراة وتقويم مكانتها في المجتمع وتطوير مشاركتها في الحياة العامة،
وفي عملية التنمية الشاملة للوطن(. 33.
و
هكذا كانت بداية العمل العلني التنظيمي
والسياسي، ثم ارتقى بمشروعه الى المشاركة السياسية في ظل التغيرات المحلية
وبعد المأساة الوطنية، حيث اعتبر الشيخ رئيس الحركة ان) المشاركة السياسية خطوة في مشروع الاصلاح السياسي على حد تعبيره ( 34
الذي كان للمرأة فيه الكثير من
الأدوار و المكتسبات و لكن أيضا لم يكن المشوار سهلا بل كان مليئا بالصعاب و التحديات
التي لم تثن المرأة في الحركة بعد 20 سنة
من التأسيس بان تنظر بعين المتفائل إلى المستقبل ,في ظل القيادة الواعية برئاسة
الشيخ أبو جرة سلطاني الذي أقدم على ترقية
المرأة ليس فقط في عضويتها داخل هياكل الحركة بحيث جعلها مستشارة لديه، بل الى
اقتراحها في التشكيلة الحكومية كوزيرة. و أيضا في ظل التحولات الداخلية و
الإقليمية التي ترجو أن تكون بداية لإسهامات و أدوار أكبر و أعمق و أوسع, تمكن
للمشروع الإسلامي الوسطي الذي تحمل لواءه حركة مجتمع السلم.
احتلت
المرأة مكانة متميزة في أدبيات حركة مجتمع السلم حيث حرصت قيادتها منذ تأسيسها على
العمل على إخراج المرأة عموما من الوضع المزري الذي كانت تعيشه تارة بسبب انتشار
بعض المفاهيم و التصورات الخاطئة التي تعتمد على الخرافة وتأويل بعض النصوص
الدينية تأويلا خاطئا. وتارة بسطوة بعض التقاليد
و العادات البالية المتحجرة التي لا ترى للمرأة دور سوى تأدية الأعمال المنزلية و
إنجاب الأطفال.ولتحقيق ذلك ترى الحركة )ضرورة
وضع سياسة تهتم بالإبعاد الحقيقية والمطالب الفعلية والاهتمامات الأساسية للمرأة
الجزائرية، سياسة تتجنب الخوض في النقاشات العقيمة وتتفادى الدخول في الصراعات
المفتعلة، وتقوم بالدرجة الأولى على توفير فرص التعليم والتكوين الملائمة وإيجاد
مجالات العمل المناسبة للظروف الاجتماعية للمرأة، وللإمكانات والموارد والاحتياجات
الاقتصادية للبلاد، وتراعي الخلفيات الفكرية والنفسية والثقافية للمجتمع. (35
فبدأت الحركة بـ:
تصحيح
بعض التصورات لدى المرأة ونشر الوعي بين صفوفها بضرورة إيمانها بدورها الريادي
ورسالتها الحضارية التي تتكامل في أدائها مع أخيها الرجل إلى جانب قيامها بدورها
العظيم في صناعة الجيل الذي يحمل قيادة العالم ودعوة الحق.
كما بادرت إلى تحميل المسؤولية للرجل في دفع المرأة إلى المشاركة وتوجيه
العناية لإنجاحها لما ثبت في دين الله أن حقوق المرأة في جميع الميادين مكفولة.
وعملت على توعية الأوساط الاجتماعية عمومًا والريفية بشكل خاص لما يصون حق المرأة في الزواج والتعليم والتخصص بما يسهم في بناء المجتمع ويرسي قواعد الاستقرار فيه الوقوف بحزم أمام الظواهر الشاذة التي تهدد حياة المرأة وتلغي دورها كأم وزوجة وعاملة في المجتمع. وبينت أن
للمرأة حق التملك والكسب والعمل والإنفاق، والسعي في الأرض، والتفكر والتدبر في
الكون، والتمتع بالطيبات. وللمرأة حق اختيار الزوج، وتكوين أسرة، بعيداً عن كل
عوامل الغصب والإكراه، ولها حق التعلم والتعليم،والتفقه في الدين، والتخصص في
مختلف أنواع العلوم والفنون، ولها الحق في التدريب وتطوير الملكات وإتقان الحرف
والمهن، وهي تتمتع بكامل الحقوق السياسية المتمثلة في حق الانتخاب والترشيح وتولي
المناصب، والانضمام للأحزاب السياسية، وإبداء الرأي في كل جوانب الحياة بلا
استثناء، والحق في التمتع بالتشريعات المتعلقة بالجنسية والعمل والتقاعد، وفي
تكوين الجمعيات الخيرية والهيئات النسائية وقيادتها والعمل من خلالها.و قد صدق
رئيس الحركة الشيخ أبو جرة سلطاني عندما حدد أصول المعركة فقال )أن المعركة في حركة مجتمع السلم
ليست ذات طابع جنسي يخضع للذكورة والأنوثة ، وإنما المعركة حق وعدل وحريات ونظافة
محيط سياسي( . 36
لقد أتاحت
حركة مجتمع السلم جميع الفرص للمرأة من أجل التموقع والعمل الجاد فاقتحمت مجال
العمل الجمعوي وأسست جمعيات نسائية متخصصة محليا ووطنيا في: الطفولة ، المرأة ،
الأسرة ، كفالة اليتيم وغيره ، كما ساهمت في نشر الوعي لدى المرأة وتبنى قضاياها
المختلفة ورفع الغبن عنها فذاع صيتها في المحافل الدولية بما حققته من انجازات
كبيرة.
بالإضافة أنها اتجهت إلى المساهمة في العمل الشباني بتأسيس أفواج للبنات
قصد إعداد قائدات لمؤسسات الشبيبة والاحتراف في هذا المجال. لقد عملت الحركة )منذ اللحظة الأولى على أن تتبوأ
المرأة مكانتها داخل مؤسساتها من القاعدة حتى القيادة وتطورت هذه المشاركة الفعالة
إلى أن وصلت بعد المؤتمر الأخير إلى وجود 48 امرأة في
مجلس الشورى الوطني ومشاركة امرأتين في المكتب الوطني، إضافة الى المشاركة في
الهياكل المحلية ووجودها كمسئولة عن مهمات أخرى داخل هذه المؤسسات كالشؤون الاقتصادية
والتخطيط، العمل الطلابي..(
37
إننا نجد في وثائق الحركة المدونة وأدبياتها العمل على تطوير أداء المرأة
وذلك من خلال:
تواجد المرأة في هياكل أعلى هيئة في الحركة وهي
المؤتمر ممثلة في مكتبه ولجانه ومندوبة عن ولايتها لتسع دائرة عضويتها ضمن قوائم
الأعضاء الشرفيين.
وجود أمانة تسمى أمانة المرأة وشؤون الأسرة في
مكاتب الحركة على كل مستوى - وطنيا ومحليا - وقد تتولى المرأة رئاسة أمانات أخرى
غير أمانتها كما هو حاصل في كثير من الولايات وفي كل مجلس من مجالس الشورى يوجد من
بين الأعضاء عدد معتبر من النساء وكذلك في الأمانات المختلفة أو في رئاسة مجالس
الشورى الولائية .
3 تولي امرأة
منصب أمينة مكتب لدى المكتب الوطني عهدة 2008.
4 تعيين نساء قياديات مستشارات لدى رئيس الحركة .
5 اقتراح نساء
في التشكيلة الحكومية كوزيرات.
6 انضمام نساء في اللجنة العليا للاستشراف السياسي.
إن حركة مجتمع السلم نادت برفع الوصايا عن
المرأة وفسحت المجال أمامها أكثر لتتقلد المناصب والمسؤوليات و دفعتها لمشاركة
أوسع بتوفير الإمكانات والقدرات على مختلف الأصعدة والتكفل بقضاياها واستنهاض
هممها وتفجير طاقاتها لتتمكن من القيام بدورها فعليا في بناء مؤسسات الدولة
الجزائرية,.
لقد مثلت امرأة حمس المرأة الجزائرية
في المناشط المحلية وفي المحافل الدولية لتبرز قيادات نسائية وتجربة تستحق أن تثمن
وتسجل وتسوق.
كما ساهمت في إعطاء
شرعية التواجد للحركة على الساحة السياسية كحزب إسلامي قوي من خلال التواجد المكثف
في المواعيد الانتخابية و التجمعات و المسيرات و الملتقيات.
وقد حسمت الحركة موقفها من مشاركة المرأة
في الحياة السياسية بشكل لا لبس فيه حيث أقرت بحقها الكامل في المشاركة .
باعتبارها أن الذكورة والأنوثة ليستا عاملين من عوامل التمييز والمفاضلة، فمعيار
التفاضل في الإسلام يقوم على التقوى والعمل الصالح وحسن الأداء. فالرجل والمرأة
سواء أمام الخطاب التكليفي العام، وشددت على أن المرأة تتمتع بشخصية كاملة، وذمة
مستقلة، من حيث الاعتبار الشرعي، والمكانة الاجتماعية، والمركز القانوني، والأهلية
التامة، وجوباً وأداءً. ودور المرأة في كل ما سبق إلى جانب الرجل يتسم بالشراكة والتعاون
والتكامل وتوزيع الأدوار بحسب القدرة والطاقة، في اطار من الأدب والحشمة والتعامل
السوي، والاحترام المتبادل، والحدود الشرعية، التي يقرها الإسلام، بعيداً عن
التناقض، والتنافس المذموم، والصراع المصطنع. فالمرأة بذلك هي كالرجل تماما لا فرق
بينهما لا في العبادات ولا في المعاملات الا ما استثنته شريعة الله تعالى.38
نجد المراة في حركة مجتمع السلم لا تثنيها شيء عن نصرة مشروعها وإنجاح
حركتها في الاستحقاقات حتى ولو لم تكن مرشحة حيث نجدها رغم الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد تناصر
مرشح الحركة للرئاسيات الشيخ محفوظ نحناح لسنة 1995 وشاركت في كافة مراحل العملية
الانتخابية بدء بالتعبية إلى التصويت إلى المراقبة إلى الفرز وإعلان النتائج.
ثم تلتها استحقاقات أخرى فترشحت المرأة في قوائم حمس الانتخابية في
المجالس المنتخبة - البرلمانية والمحلية - أدارت الحملة الانتخابية )بجدارة وأعطت تجربة مميزة الحملات الانتخابية تواصلت فيها مع
شرائح واسعة من النساء في المدن والأرياف عبر الاتصال المباشر واللقاءات المفتوحة
وفازت الحركة ب 71 مقعدا ومثلت بمقعدين للنساء في المجلس الشعبي الوطني لتتولى
إحداهن لأول مرة نيابة رئاسة البرلمان باسم حركة مجتمع السلم في عهدة
1997*2002 وشاركت في المحطات الانتخابية
اللاحقة بكل وعي ومسؤولية كما كان لها الحضور الفعال في مختلف مناشط الحركة المؤتمرات
والملتقيات والو رشات وسائر الفعاليات الحزبية(. 39
وساهمت في إنجاح قوائم الحركة برجالها ونسائها في كل المحطات الانتخابية ونجح عدد معتبر من السيدات في الوصول
إلى المجالس المنتخبة وأدين دورهن في خدمة الوطن والدفاع عن الثوابت الوطنية و حل
مشاكل المواطنين والدفاع عن قضايا المرأة و المساهمة في صناعة القرار .
وها هي المرأة تلج عالم الاقتصاد بتأسيس الحركة مجلس نساء الأعمال ثم
تمثيلها عبر المجلس الوطني الاقتصادي لإبراز مدى أهلية المرأة لامتلاك المال وحسن
التصرف فيه و إدارته بنفع المجتمع من خلاله واشتراكها في المؤسسات الصغيرة
والمشاريع الاقتصادية الخاصة ، هذا فتح لها أفاق التعرف على حقوقها كعاملة
وانخراطها في العمل النقابي للدفاع عن حقوق العمال نساء ورجال و تذكيرهم بواجباتهم
، فبرزت قيادات نسائية من طبقة رجال المال والأعمال وفي المجال النقابي هذا
بالإضافة إلى المشاركة القوية للمرأة في نشاطات الحركة المختلفة وتجمعاتها العامة
لدرجة الحضور مناصفة مع الرجال أحيانا وتمثيل الحركة والجزائر في المحافل الدولية
العربية والإسلامية.
إن مناضلة حركة مجتمع السلم عملت على:
دخول كافة الفضاءات الموجودة على الساحة الوطنية والإقليمية و الدولية صامدة في وجه مشاريع التغريب التي تحاول إخراج المرأة
الجزائرية من عمقها الإسلامي و العربي حتى ولو عن طريق التنديد,الاستنكار
,الاستهجان
كما ثبتت وأدت دورها الإيجابي و الشجاع أثناء
محنة المأساة الوطنية أين برهنت المرأة في الحركة على إيمانها القوي بالفكرة و عدم
ترك واجبها الدعوي و النضالي حتى ولو كان تحت وطأة العنف , مساندة بذلك أخيها
الرجل في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ الجزائر بحمايتها للمشروع الإسلامي في
الجزائر أثناء و بعد أزمة انتخابات 1991
بالتقرب أكثر من المجتمع وتبني همومه ونشر ثقافة التسامح والتراحم بين الجزائريين
تقديم المبادرات و الحلول لبعض القضايا والأزمات
التي كادت أن تعصف بالدولة الجزائرية ومؤسساتها وبذالك تبرئ ذمتها أمام الله وأمام
التاريخ - تضحيتها بكل ما تملك لإعلاء كلمة الحركة عاليا و تجردها من الأنانية
لصالح إنجاح المشروع الإسلامي-
نصرة ودعم الشعوب المستضعفة والقضايا العادلة وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني ،
حيث ساهمت في جمع المال والتبرع به و التواجد في قلب
الحدث كلما سنحت لها الفرصة لذلك كما رأينا في البوسنة و الهرسك و أسطول الحرية وشاركت بعدد معتبر من الرموز النسائية وعلى رأسهم زوجة الشيخ ابو جرة
سلطاني رئيس الحركة السيدة في سفينة شريان الحياة مرتين.
إن المرأة المناضلة في الحركة اقتحمت كل المجالات تميزت في كل التخصصات فهي
اليوم موجودة في مجالات التربية والتعليم والصحة والتجارة والقضاء والمحاماة
والإدارة .
ختاما:
إنه يتعين على كل منصف حين يتحدث عن اهتمام الأحزاب بالمرأة أن يخص حركة
مجتمع السلم بالتقدير الكبير والمتميز ذلك أنها أول من دعا الى مشاركة المرأة
مشاركة فعالة وفعلية في المجالات المختلفة أعطتها حق الترشح والانتخاب داخل هياكل
الحركة وخارجها في زمن كان يعتقد أن المرأة لاينبغي أن تخرج من مثلث الموت ، ومن
أجل حماية الأسرة والحفاظ على تماسكها أثرت الحركة ومن خلالها المرأة الساحة
بالنقاش والحركية عند عرض قانون الأسرة للنقاش والتعديل سنة 2004 وظلت وما تزال
تناضل من أجل إيجاد المرأة الواعية لحقوقها الفاعلة في أسرتها المشاركة في تنمية
مجتمعها المعتزة بانتمائها الحضاري. والمساهمة في رعاية الطفولة والفئات النسوية
المحرومة والمهشمة في المجتمع والتصدي للمشاريع التي تستهدف المرأة والأسرة
والشباب.
فبالرغم من النجاحات
العديدة للمرأة الجزائرية في مختلف المجالات، وعلى الرغم من تكريس المساواة بين
الجنسين في الدستور والقوانين كلها، وخاصة المساواة بحق الانتخاب والترشح وممارسة
العمل السياسي، إلا أن تمثيلها السياسي وفي المجالس المنتخبة ظل إشكالية قائمة
تحتاج لمعالجة جادة وإيجاد آليات كفيلة بفكها.
وعليه يجب ما يلي:
*على الحركة أن تثمن في ذاتها عمليا
ما
تتمتع
به وتتميز في مجال المرأة وشؤون الأسرة وتعرض إسهاماتها ومبادراتها على مستوى منظمات
المجتمع المدني والجهات المهتمة بترقية المرأة.
*على الدولة والمنظمات الناشطة في مجال المرأة و حقوق الإنسان أن تمد الجسور
مع حركة مجتمع السلم لأجل ما ظهر على يدها من نتائج مثمرة قصد التعاون على تحقيق
الأهداف المشتركة في هذا المجال.
* ضرورة تجديد المفاهيم و تناول قضية المشاركة السياسية في
كافة أبعادها مما يستوجب مراجعة لدور الحركات النسائية العربية لترتقي إلى مصاف
الحركة الاجتماعية التي تمثل قوة تغيير حقيقية في صلب المجتمعات.
*استثمار دور الإعلام والتكنولوجيا في نشر ثقافة حقوق
الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص ومدى إمكانية استخدامها في تغيير الصور
الدونية للمرأة.
*تعزيز البرامج والأنشطة التي تعمل على ترسيخ القناعة لدى المرأة أولاً، ولدى
الآخرين ثانياً، في أن تكون جزءً أساسياً في بناء النسيج العام، وشريكاً في
التنمية لا مستهلكاً لها.
*العمل
الجاد والهادف على ضمان معرفة النساء كافة لحقوقهن وتمكينهن من المطالبة بتوفيرها
وتعزيزها وممارستهن لها.
*وضع
إستراتيجية جديدة للنهوض بالمرأة تأخذ في اعتبارها المتغيرات الجديدة وتستفيد من
الخبرات الدولية وتؤكد دعم وتعزيز ثقافة التكافؤ والمساواة ومناهضة التمييز ونبذ
العنف. والحرص على إيجاد آلية وطنية ذات مستوى عال من القدرة على اتخاذ القرارات
والقدرة على التنسيق لتنفيذ الإستراتيجية ومتابعة معوقات تنفيذها ويكون كل ذلك
بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الفاعلة.
الهوامش
1 ناصر
محمود
رشيد
شيخ
علي، دور
منظمات
المجتمع
المدني
في تعزيز المشاركة السياسية
في
فلسطين، قدمت
هذه
الأطروحة
استكمالا
لمتطلبات
درجة
الماجستير
في
التخطيط
والتنمية
السياسية
بكلية الدراسات
العليا
في
جامعة
النجاح
الوطنية
في
نابلس،
فلسطين.2008
م ص40
2 أبوجرة سلطاني،جذور الصراع في
الجزائر، ط2، شركة دار الأمة للطباعة
والنشر والتوزيع، الجزائر،1999، ص 215.
3 وثيقة – قائمة شهيدات خلال الثورة ناحية
تبسة- المتحف الوطني للمجاهد
4 تقرير مؤتمر الصومام سنة 1956
5 أبو بكرحفظ الله،تطور جيش التحرير الوطني
1954-1962، مذكرة ماجستير، باتنة، 2002، ص 23
6
أنيسة بركات: محاضرات ودراسات تاريخية وأدبية حول الجزائر، المتحف الوطني للمجاهد،
الجزائر،. ص102.
7
أنيسة بركات،المرجع نفسه، ص102
8 عمار
قليل، ملحمة الجزائر الجديدة، ، دار البعث، قسنطينة، الجزائر، الجزء الأول، ص370.
9
أنيسة بركات: المرجع السابق، ص23.
10 مركز المرأة العربية
للتدريب
والبحوث،
تقرير
حول
المرأة
والحكم
المحلي
بالجزائر
الواقع
والآفاق،
ص10
11 مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث، نفسه، ص 16
12 القانون العضوي
رقم
12 03
مؤ
رخ
في
18 صفر
عام
1433 الموافق 12 جانفي
سنة
2012 ، الجريدة الرسمية
، العدد الأول،
المطبعة الرسمية،
الجزائر،
14 جانفي
1220,
13 ثمينة نذير
ولي
تومبيرت
، حقو
ق
المرأة
في
الشرق
الأوسط
وشمال
أفريقيا:.
المواطنة
والعدالة
،مؤسسة فريدوم هاوس
للنشر
،الولايات المتحدة الأمريكية
،5 200، ص
45
14 المعهد
الدولي للأمم
المتحدة
للبحوث
والتدريب
في
مجال
الّنهوض
بالمرأة
ومركز
المرأة
العربية
للتدريب
والبحوث،
تقرير
حول
النوع
الإجتماعي
والسياسة
في
الجزائر
،ص 9
15جمعة معزوزي، المرأة
و
المشاركة
السیاسیة
في
الجزائر
، عن حسین
أبو
رمان
، المرأة العربیة
و
المشاركة
السیاسیة
، عمان ،
دار
سندباد
للنشر
، 2000 ، ص 337
16حزب
جبهة
التحریر
الوطني
، المحاور الرئیسیة
، 2000 ،ص 48
(17) rachid telemçani . èlections et èlites en algèrie. Chihab editions ; 2003 .p 166 .
merzak alwache , ibid , p 15 18
9 بادي سامية، المرأة
و
المشاركة
السیاسیة
التصویت
العمل
الحزبي العمل النیابي، رسالة ماجستير قسنطينة2005، ص124
20- القانون العضوي
رقم
12 03
مؤ رخ في
18 صفر
عام
1433 الموافق 12 جانفي
سنة
2012 ، الجريدة الرسمية
، العدد الأول،
المطبعة
الرسمية،
الجزائر،
14 جانفي
1220,
21 بثينة قريبع ،إستقراء الوضع الراهن لمشاركة المرأة في الحياة السياسية في الجزائر والمغرب وتونس، منشورات مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث ،تونس ،09 20،ص 17
22 بثينة قريبع، المرجع
نفسه،ص
20
23 مركز المرأة العربية
للتدريب
والبحوث تقرير حول
المرأة
والحكم
المحلي
بالجزائر
الواقع
والآفاق
، مرجع سابق ،ص
26
24 محفوظ نحناح، الجزائر
المنشودة المعادلة المفقودة الإسلام الوطنية
الديمقراطية، ط1 دار
النبأ الجزائر 1999 ص196
25محفوظ نحناح، التفاعل الديمقراطي في الجزائر بين الوهم والحقيقة
منشورات ا ج م ل الجزائر 2004ص17
26ابو جرة سلطاني، الحلقة المفقودة بين الإسلام الوطنية الديمقراطية، رسالة من فكر الشيخ المؤسس ط2 الزيتونة للاعلام والنشر الجزائر، 2004 ص21
27حركة مجتمع السلم، منشورات حركة مجتمع السلم مطبعة حسناوي الجزائر، 2004 ، ص 6
28 احمد يوسف ،الجزائر الأزمة وسفر الخروج أبو جرة سلطاني الرجل والقناعات، دار الخلدونية الجزائر 2008 ص 55
29 احمد يوسف ،المرجع السابق،ص21
30 فشار عطاء الله ، تجربة
التغيير في فكر الشيخ محفوظ نحناح، دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر ص 17
31 حركة مجتمع السلم، المرجع السابق، ص9
32 فشار عطاء الله ، المرجع السابق، ص42
33 محفوظ نحناح، الجزائر المنشودة، المرجع السابق، ص201 .
34 احمد يوسف، الأزمة والرجل الرشيد محاولة للإنصاف ورد
الاعتبار، ط1، دار قرطبة للنشر
والتوزيع 2005 ،
الجزائر، ص14
35 محفوظ نحناح، الجزائر المنشودة، المرجع السابق، ص199
36 احمد يوسف، الأزمة والرجل
الرشيد ، ص55
37 منشورات حركة
مجتمع السلم،جريدة النبأ، عدد خاص بالذكرى العشرون لتاسيس حركة مجتمع السلم ماي
1991*2011 ،دار النبا للتوزيع ،
الجزائر، ص29
38 احمد يوسف، الأزمة والرجل
الرشيد ، ص55
39 منشورات حركة
مجتمع السلم، جريدة النبأ، ص28